أعلنت هيئة تنظيم الاتصالات في دولة قطر أمس عن بدء التشغيل التجاري الأول لشبكات الجيل السادس للاتصالات في المناطق الحضرية بالعاصمة الدوحة بالتعاون مع شركة نونيا السويدية ومتخصصين من جامعة قطر وجامعة كاليفورنيا حيث استُخدمت حزمة التردد الفائق عالية النطاق التي تتيح سرعات نقل بيانات تفوق 100 جيجا بايت في الثانية وتقليل زمن الاستجابة إلى أقل من جزء من الملي ثانية مما يمهد الطريق لتطبيقات لا مركزية متطورة ويهدف التجربة إلى قياس الأداء في أجواء حقيقية وتقييم جاهزية البنية التحتية قبل الإطلاق الرسمي للخدمة العام المقبل.

 

تشمل الشراكة التكنولوجية استخدام خلايا لاسلكية صغيرة مدمجة مع إنترنت الأشياء ومختبرات متنقلة مجهزة بأجهزة استقبال متقدمة لدعم النطاق العريض للغاية إضافة إلى نشر ألياف ضوئية عالية السعة تربط مراكز البيانات بالمواقع التجريبية وقد تم تدريب فريق من مهندسي الهيئة وخبراء شركاء التكنولوجيا على تركيب وتشغيل الأجهزة وتهيئة البرمجيات المصاحبة لضمان تكامل الشبكة مع شبكات الجيل الخامس القائمة مع إمكانية التوسع المستقبلي في النطاقات الترددية لتغطية الضواحي والمناطق الصناعية.

 

تُنتظر شبكة الجيل السادس أن تساهم في دعم تطبيقات الذكاء الاصطناعي الموصول بالإنترنت لتنسيق تشغيل السيارات ذاتية القيادة والطائرات المسيرة ذاتياً في الأجواء المنخفضة بامتداد المناطق الحضرية ما يسهم في تطوير النقل الذكي وخدمات التوصيل السريع كما سيعزز الجيل السادس من قدرات الواقع المعزز والواقع الافتراضي لتوفير تجارب تفاعلية للتعليم عن بعد والسياحة الافتراضية حيث يمكن للطلاب والباحثين زيارة معالم التراث القطري افتراضياً بتفاصيل دقيقة تتيح لهم الاستكشاف والتعلم دون الحاجة للتنقل الفعلي بين المواقع.

 

يرتكز المشروع على تطوير منظومة الأمن السيبراني المتقدمة لحماية شبكات الجيل السادس من التهديدات الإلكترونية التي قد تستهدف البيانات الحساسة للمؤسسات الحكومية والخاصة وقد زُرعت في الشبكة التجريبية آليات تشفير متطورة قائمة على البلوك تشين وتقنيات التعلم الآلي لرصد أي نشاط غير اعتيادي والتعامل معه بشكل تلقائي كما جُهزت مراكز العمليات الأمنية بنظم مراقبة وتحليل بيانات شبكية لحظة بلحظة لضمان استمرارية الخدمة وحماية الخصوصية وفق أعلى المعايير الدولية لتعزيز الثقة في الجيل الجديد من الاتصالات.

 

أوضح وزير الاتصالات أن تجربة الجيل السادس تأتي ضمن استراتيجية قطر الرقمية الشاملة التي تهدف إلى التحول إلى اقتصاد معرفي مستدام قائم على الابتكار والتكنولوجيا المتقدمة وتعتبر هذه الخطوة الثانية بعد إطلاق أول قمر صناعي قطري للاتصالات والذي يوفر خدمات الإنترنت للمدن النائية ويلي ذلك إطلاق محطة أرضية متطورة للجيل السادس ترتبط بمحطات فضائية مستقبلية لتعزيز التغطية حيث يتوقع أن يشمل التشغيل التجاري المرحلة الأولى من المدينة الجديدة مشيرًا إلى أن النتائج الأولية ستساهم في وضع سياسات تنظيمية جديدة تتماشى مع التطورات العالمية في هذا المجال.

 

يحظى المشروع بدعم عدد من الشركات الناشئة والجامعات حيث أُعلن عن إنشاء صندوق تمويل مخاطر لدعم تطوير تطبيقات الجيل السادس في مجالات الزراعة الذكية والرعاية الصحية عن بعد والمصانع ذاتية التشغيل كما ستستخدم الشركات الصغيرة الحزمة الترددية فائقة النطاق لتشغيل روبوتات صناعية في المناطق الحرة ولتجربة الأتمتة الكاملة لوحدات الإنتاج مما يعزز فعالية وكفاءة العمليات الصناعية ويقلل من الأخطاء البشرية ويزيد من الإنتاجية ويدعم استراتيجية التنويع الاقتصادي في قطر.

 

من جانب آخر يجري تنسيق إقليمي مع دول مجلس التعاون الخليجي لمواءمة المعايير التقنية والتنظيمية الخاصة بالجيل السادس لضمان إمكانية التنقل السلس للأجهزة بين الأراضي الخليجية دون انقطاع للخدمة كما تعمل لجنة فنية مشتركة على وضع اتفاقية تعاون لمد مشاريع الربط الشبكي عبر ألياف بحرية تربط المراكز الرقمية في الدوحة والرياض وأبوظبي بالمسار البحري للبحرية الخليجية مما يوفر منافذ بديلة ويوفر أمانًا أكبر للاتصالات العابرة للحدود.

 

يتوقع خبراء أن يعزز إطلاق الجيل السادس من قطاع الاقتصاد الرقمي في قطر وأن يرفع قيمة سوق الاتصالات المحلية بنسبة قد تتجاوز 15 بالمئة خلال سنوات التشغيل الأولى كما سيسهم في جذب استثمارات أجنبية واستقطاب المزيد من شركات التكنولوجيا العالمية للمشاركة في تطوير البنية التحتية الرقمية الأمر الذي يرسخ مكانة قطر كوجهة رائدة عالمياً في مجال الابتكار والاتصالات المتقدمة ويمهد الطريق أمام تقنيات مستقبلية مثل الحوسبة الكمومية وشبكات النانو المتصلة.