افتتح اليوم وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري مشروع مزرعة الرياح البحرية في خليج السويس الذي يعد الأول من نوعه في مصر والشرق الأوسط بالتعاون مع تحالف دولي تقوده شركة دنماركية رائدة في التكنولوجيا البحرية وشركة مصرية للطاقات المتجددة حيث يمتد الحقل على مساحة 100 كيلومتر مربع قبالة سواحل مدينة السخنة ويضم 100 توربينة رياح بحرية قادرة على توليد 500 ميغاواط من الكهرباء مما يكفي لتغطية احتياجات 350 ألف أسرة ويسهم في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بما يقارب 1.2 مليون طن سنويًا في إطار استراتيجية الدولة لتحقيق 42% من الطاقة من مصادر متجددة بحلول عام 2035.
تمت مرحلة التركيب في ظروف بحرية صعبة باستخدام سفن متخصصة لتثبيت قواعد البرج التي تصل إلى عمق 30 مترًا تحت سطح الماء وقد استغرق إنجاز أعمال الحفر والتأسيس نحو ستة أشهر بينما تزايدت كفاءة الفرق المصرية المدربة على تشغيل معدات الرفع البحرية واللحام الدقيق حيث تم توظيف خبراء دنماركيين لتدريب مهندسي وفنيي الشركة المصرية وتبادل الخبرات الفنية في مجال صيانة شفرات التوربينات ومراقبة الأداء عبر نظام تحكم ذكي يربط الحقل بشبكة الكهرباء الوطنية عبر كابل بحري بطول 80 كيلومترًا.
يُعد المشروع نقطة تحول نوعية في ملف أمن الطاقة المصري حيث يتيح تنويع مزيج الطاقة بعيدًا عن المصادر التقليدية وتخفيف الاعتماد على الغاز الطبيعي كما يعزز من فرص التصدير للطاقة إلى دول الجوار كما أكد وزير الكهرباء أن المزرعة البحرية ستساهم في توفير طاقة بأسعار تنافسية مقارنة بالوقود الأحفوري مما يدعم القدرة التنافسية للصناعة الوطنية ويحد من الضغوط على فاتورة الواردات من الطاقة ويقلل من تكاليف الإنتاج الصناعي في المناطق الاقتصادية الحرة على ضفاف البحر الأحمر.
تضمنت الخطة التشغيلية إبرام اتفاقيات مع شركتي تشغيل وصيانة بحرية محلية لتولي أعمال الصيانة الدورية للتوربينات وتنظيف الشفرات وتبديل الزيت والمواد التبريدية اللازمة للمحركات الكهربائية كما صُمم المرفق البحري لإيواء السفن والرافعات العائمة ويوفر منصة تدريبية لمحاكاة عمليات الصيانة تحت الماء باستخدام الغواصات الروبوتية علاوة على إنشاء مختبر بحري قائم على متن سفينة مجهزة لتحليل العينات البحرية ودراسة تأثير الاهتزازات الناتجة عن عمل التوربينات على البيئة البحرية لضمان استدامة الصيد البحري والإيكولوجيا المحلية.
ربطت هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة المشروع بمنظومة الرقابة الذكية التي تشمل أجهزة استشعار لرصد سرعة الرياح ومعدلات الأمواج ودرجة الملوحة ودرجة الحرارة حيث ترسل البيانات في الوقت الحقيقي إلى مركز التحكم الرئيسي بالقاهرة الذي يشرف على تفعيل أو إيقاف تشغيل التوربينات وفقًا للظروف البيئية لضمان الأداء الأمثل وتفادي الأضرار المحتملة كما يتيح النظام إجراء صيانة تنبؤية باستخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات الاهتزاز ودرجات الحرارة واكتشاف أي انحرافات عن الأداء المعياري قبل حدوث أي أعطال.
توقع خبراء الطاقة أن يفتح المشروع آفاقًا للتعاون الإقليمي في مجال الرياح البحرية مع دول حوض البحر المتوسط مثل اليونان وقبرص ولبنان وقبرص الجنوبية كما تعمل مصر على استضافة مؤتمر دولي سنوي للرياح البحرية في الإسكندرية لجذب الاستثمارات وتبادل الخبرات وتشجيع الشركات العالمية على إنشاء مشاريع مماثلة في المياه الإقليمية في شمال البحر الأحمر مما يعزز مكانة مصر كمركز إقليمي للطاقة النظيفة ويوفر فرص عمل لمئات المهندسين والفنيين ومجتمعات الصيادين المحليين بمناطق خليج السويس.
يعد تدشين مزرعة الرياح البحرية في خليج السويس خطوة استراتيجية قبل إطلاق محطات طاقة حرارية شمسية في واحة سيوة ومحطة أخرى لرياح الصحراء الغربية حيث تسارع مصر وتيرة تنفيذ محفظة طموحة من مشروعات الطاقة المتجددة التي تقدر بثماني آلاف ميغاواط بهدف تحقيق الاستدامة وتقليل الانبعاثات وتعزيز الأمن الطاقي كما يهدف البرنامج الوطني إلى خفض التكلفة الكلية للطاقة وتوفير القدرة الكهربائية اللازمة لتنمية المدن الجديدة والمحاور الصناعية في سيناء والعاصمة الإدارية الجديدة.