في ظل ما أُثير من لغط حول تشكيل لجان فتوى مشتركة بين الأزهر الشريف ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف، جاء الرد الحاسم من الأزهر لينفي بشكل قاطع تلك التصريحات المتداولة. فقد أصدر المركز الإعلامي للأزهر الشريف بيانًا واضحًا، وضع فيه النقاط على الحروف، مؤكدًا رفض «هيئة كبار العلماء» لمشروع قانون «تنظيم الفتوى الشرعية» بصورته الحالية، ومشدّدًا على تمسّك الأزهر باستقلالية الفتوى وفق ما ينص عليه الدستور والقانون. هذا الموقف الحازم يعكس حرص الأزهر على الحفاظ على اختصاصاته الدينية والعلمية، وضبط مسار الإفتاء الشرعي في مصر.
الرد الحاسم من الأزهر الشريف
نفى المركز الإعلامي للأزهر الشريف صحة التصريحات المنسوبة إلى الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، التي تحدثت عن مقترح تشكيل لجان فتوى تضم ممثلين من الأزهر ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف. وأوضح البيان أن وكيل الأزهر لم يدلِ بأي مقترحات بهذا المعنى خلال جلسة مناقشة مشروع قانون «تنظيم الفتوى الشرعية» في لجنة الشؤون الدينية بمجلس النواب.
وأكد البيان أن الدكتور الضويني اكتفى خلال الجلسة بعرض موقف هيئة كبار العلماء الرافض لصيغة القانون المقترحة، وهو موقف تم إرساله رسميًّا إلى الجهات المعنيّة ذات الاختصاص. هذا الرفض لم يأتِ من فراغ، بل من منطلق مسؤولية الأزهر الشرعية والدستورية في الإشراف على الفتوى وتنظيم شؤونها بما يحفظ للدين هيبته ويمنع التداخل في الاختصاصات.
رفض واضح للجنة الفتوى التابعة للأوقاف
أشار المركز الإعلامي إلى أن ممثلي الأزهر قد أوضحوا، خلال جلسة مناقشة القانون، الأسباب الجوهرية لرفضهم إنشاء لجان فتوى تابعة لوزارة الأوقاف. وبيّنوا أن مثل هذا المقترح قد يُفضي إلى تداخل في المهام واختلاط في المرجعيات، مما قد يؤدي إلى حالة من الفوضى في المجال الديني، في وقت تحتاج فيه الأمة إلى خطاب ديني موحَّد ومنضبط.
وأكد الأزهر أن الإفتاء من المسائل الدقيقة التي يجب أن تُسنَد إلى أهل العلم والاختصاص، وفقًا لما ينظمه الدستور والقانون، وليس إلى جهات إدارية أو دعوية. وبالتالي فإن أي محاولة لإعادة توزيع هذا الاختصاص تُعد مخالفة صريحة للثوابت المؤسسية والدستورية.
شبكة لجان الفتوى التابعة للأزهر
في ختام البيان، استعرض المركز الإعلامي للأزهر الشريف حجم الجهود التي يبذلها في مجال الإفتاء، موضحًا أن الأزهر يدير قرابة 250 لجنة فتوى رئيسية منتشرة في جميع محافظات الجمهورية، تعمل بكفاءة واستقلالية عالية لتلبية احتياجات المواطنين الشرعية، بإشراف مباشر من هيئات الأزهر المتخصصة. وتُعد هذه اللجان ركيزة أساسية في مواجهة فوضى الفتاوى، وتعزيز المرجعية الدينية الوسطية التي يتميز بها الأزهر الشريف.
بهذا البيان الحاسم، يضع الأزهر الشريف حدًا لأي محاولات لزعزعة اختصاصاته أو التشويش على مواقفه، مؤكدًا أنه لن يتوانى عن أداء دوره الشرعي والدستوري في حماية مسار الفتوى وتنظيمها. ويبقى الأزهر، كما عهدناه، حصنًا منيعًا للوسطية والعلم الشرعي الرصين، ومصدرًا موثوقًا للفتوى المنضبطة التي تنأى عن التسييس والتوظيف غير المشروع. فاستقلالية الأزهر ليست فقط ضمانة لحسن أداء المهام الدينية، بل هي أيضًا صمام أمان للشأن الديني في مصر كلها.