في خطوة حاسمة تؤكد على جدية الدولة المصرية في التصدي لجرائم العنف ضد الأطفال، أعرب المجلس القومي للطفولة والأمومة عن بالغ تقديره للحكم الصادر اليوم من محكمة جنايات إيتاي البارود، والذي قضى بالسجن المؤبد للمتهم في قضية التعدي الجنسي على طفل بمحافظة البحيرة.

 

وقد جاء هذا الحكم عقب انتهاء جلسات المرافعة، ليعكس عدالة القضاء المصري وسرعة الاستجابة لهذه الجرائم البشعة التي تهدد بنيان المجتمع وقيمه.

 

من جانبها، أكدت الدكتورة سحر السنباطي، الأمينة العامة للمجلس القومي للطفولة والأمومة، على الثقة الكاملة في المنظومة القضائية المصرية، مشيرة إلى أن مثل هذه الأحكام تمثل رادعًا قويًا لكل من تسول له نفسه انتهاك براءة الطفولة، كما تعكس إصرار الدولة على تطبيق العدالة الناجزة، التي تُعيد الطمأنينة لأسر الضحايا وتعزز من تماسك المجتمع.

 

خطة شاملة لإعادة تأهيل الطفل نفسيًا وأسريًا

 

في أعقاب صدور الحكم، أعلنت السنباطي عن إطلاق خطة دعم متكاملة تستهدف الطفل المعتدى عليه وأسرته، بهدف التخفيف من الآثار النفسية المترتبة على هذه الواقعة المؤلمة.

 

وأوضحت أن فريقًا متخصصًا من الأخصائيين النفسيين سيتولى متابعة الحالة، بدءًا من زيارة مقر إقامة الطفل، مرورًا بتقديم جلسات دعم نفسي فردية وجماعية، وصولًا إلى برامج الإرشاد الأسري التي تهدف إلى تأهيل الأسرة بأكملها للتعامل مع آثار الصدمة.

 

وشددت على أن خطة الدعم ستُنفذ وفق أساليب علاجية حديثة، تراعي طبيعة الاضطرابات النفسية الناتجة عن الصدمات، وتركز على بناء الثقة بالنفس لدى الطفل وتحسين قدرته على التفاعل الاجتماعي والتعافي التدريجي من آثار التجربة القاسية.

 

تحذير من نشر معلومات عن الطفل.. وتفعيل مواد قانون الطفل

 

وفي سياق متصل، وجهت الدكتورة السنباطي تحذيرًا واضحًا من مغبة نشر أي صور أو بيانات تتعلق بالطفل المعني بالقضية، مؤكدة أن ذلك يُعد مخالفة صريحة لقانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 وتعديلاته بالقانون رقم 126 لسنة 2008.

 

وأوضحت أن المادة 116 مكرر (ب) تنص صراحة على حظر نشر أو إذاعة أي معلومات أو رسوم أو صور تمس هوية الطفل، خاصة أثناء عرض القضية أمام الجهات المعنية، حفاظًا على خصوصيته وسلامته النفسية.

 

تمثيل قانوني لضمان حقوق الطفل

 

وفي إطار دعم الطفل قانونيًا، وجهت السنباطي بتكليف فريق دفاع تابع لوحدة الدعم القانوني بالمجلس القومي للطفولة والأمومة لحضور جلسات المحاكمة منذ بدايتها، لضمان حصول الطفل على كافة حقوقه القانونية، ومتابعة إجراءات التقاضي عن كثب.

 

المجلس يدعو للإبلاغ عن أي انتهاكات بحق الأطفال

 

وأكد المجلس على أهمية التعاون المجتمعي في مكافحة جرائم العنف ضد الأطفال، داعيًا المواطنين إلى الإبلاغ الفوري عن أي حالة انتهاك عبر خط نجدة الطفل 16000، الذي يعمل على مدار 24 ساعة، أو من خلال تطبيق "واتساب" على الرقم 01102121600، أو عبر الصفحة الرسمية للمجلس على "فيسبوك".

 

وأوضح المجلس أن هذه الوسائل تتيح له التحرك السريع وتوفير الحماية والدعم اللازمين، تنفيذًا لاختصاصاته القانونية في رعاية الأطفال وحمايتهم من كل أشكال العنف أو الإهمال أو الاستغلال.

 

قضية تفتح النقاش المجتمعي حول حماية الطفولة

 

تأتي هذه الواقعة لتسلط الضوء من جديد على التحديات التي تواجه الأطفال في المجتمع، وتبرز الحاجة الملحة لتكثيف حملات التوعية المجتمعية حول حقوق الطفل وطرق حمايته، إلى جانب تطوير برامج الوقاية والتدخل المبكر لمواجهة الانتهاكات المحتملة.

 

كما تعيد هذه القضية التأكيد على ضرورة تفعيل القوانين والتشريعات ذات الصلة بشكل حازم، وتوفير آليات حماية أكثر فاعلية، خاصة في المناطق الريفية والنائية، حيث تقل أحيانًا فرص الوصول إلى الجهات المختصة.

 

يمثل حكم المؤبد في قضية "طفل البحيرة" رسالة واضحة بأن مصر لن تتهاون مع من يعتدون على براءة الأطفال، وأن الدولة، بكل مؤسساتها، تقف إلى جانب الضحايا بكل قوة.

 

كما يشكل الدور الذي يلعبه المجلس القومي للطفولة والأمومة نموذجًا يحتذى به في كيفية دمج الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني لمصلحة الطفل، بما يضمن له مستقبلًا أكثر أمانًا واستقرارًا.