حتى مع العلاج.. كيف تؤثر عوامل نمط الحياة غير الصحية على نسبة السكر بالدم

مقدمة

إن إدارة مرض السكري، سواء كان النوع الأول أو النوع الثاني، تتطلب نهجًا شاملاً يتجاوز مجرد تناول الأدوية الموصوفة. بينما تلعب الأدوية دورًا حيويًا في تنظيم مستويات السكر في الدم، فإن عوامل نمط الحياة اليومية لها تأثير كبير على فعالية العلاج. تجاهل هذه العوامل يمكن أن يؤدي إلى تقلبات غير مرغوب فيها في نسبة السكر بالدم، مما يعرض الصحة للخطر على المدى الطويل. الهدف من هذا المقال هو تسليط الضوء على التأثيرات السلبية لبعض عادات نمط الحياة غير الصحية على التحكم في نسبة السكر في الدم، حتى مع الالتزام بالعلاج الدوائي.

التغذية غير الصحية: العدو الأول

النظام الغذائي هو حجر الزاوية في إدارة مرض السكري. تناول الأطعمة الغنية بالسكريات المكررة، والكربوهيدرات البسيطة، والدهون المشبعة والمتحولة يؤدي إلى ارتفاع سريع في مستويات السكر في الدم. هذه الارتفاعات المفاجئة تضع ضغطًا إضافيًا على البنكرياس لإنتاج المزيد من الأنسولين (في حالة النوع الثاني) أو تتطلب جرعات أعلى من الأنسولين (في حالة النوع الأول والنوع الثاني). بمرور الوقت، يمكن أن يؤدي هذا الضغط المستمر إلى إرهاق البنكرياس، مما يقلل من قدرته على إنتاج الأنسولين بشكل فعال. بالإضافة إلى ذلك، الأطعمة المصنعة غالبًا ما تكون منخفضة في الألياف، مما يبطئ امتصاص السكر في الدم. بدلاً من ذلك، يجب التركيز على الأطعمة الكاملة وغير المصنعة مثل الخضروات والفواكه والحبوب الكاملة والبروتينات الخالية من الدهون. تناول وجبات صغيرة ومتوازنة على مدار اليوم يساعد في الحفاظ على استقرار مستويات السكر في الدم ويقلل من الحاجة إلى جرعات كبيرة من الأدوية.

الخمول البدني: حلقة مفرغة من المشاكل

النشاط البدني المنتظم له فوائد جمة لمرضى السكري. أولاً، يساعد التمرين على تحسين حساسية الأنسولين، مما يعني أن الجسم يصبح أكثر استجابة للأنسولين المتاح، سواء كان ينتجه البنكرياس أو يتم حقنه. ثانيًا، يساعد التمرين على حرق الجلوكوز الزائد في الدم، مما يقلل من مستويات السكر في الدم. ثالثًا، يساعد التمرين على إدارة الوزن، وهو أمر بالغ الأهمية لمرضى السكري من النوع الثاني، حيث أن السمنة غالبًا ما تكون عاملًا مساهمًا في مقاومة الأنسولين. الخمول البدني، من ناحية أخرى، يعكس هذه الفوائد. يؤدي إلى تفاقم مقاومة الأنسولين، ويزيد من مستويات السكر في الدم، ويسهم في زيادة الوزن. حتى المشي لمدة 30 دقيقة يوميًا يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا في التحكم في نسبة السكر في الدم.

الإجهاد المزمن: تأثير هرموني مدمر

الإجهاد المزمن ليس مجرد شعور مزعج؛ بل له تأثيرات فسيولوجية عميقة على الجسم، بما في ذلك مستويات السكر في الدم. عندما يتعرض الجسم للإجهاد، فإنه يطلق هرمونات مثل الكورتيزول والأدرينالين، والتي تزيد من مستويات السكر في الدم. هذه الزيادة في السكر في الدم هي استجابة طبيعية مصممة لتوفير الطاقة اللازمة للتعامل مع التهديد المتصور. ومع ذلك، في حالة الإجهاد المزمن، تظل هذه الهرمونات مرتفعة باستمرار، مما يؤدي إلى ارتفاع مزمن في مستويات السكر في الدم. بالإضافة إلى ذلك، غالبًا ما يؤدي الإجهاد إلى سلوكيات غير صحية مثل الإفراط في تناول الطعام، وقلة النوم، وقلة ممارسة الرياضة، وكلها تساهم في سوء التحكم في نسبة السكر في الدم. إدارة الإجهاد من خلال تقنيات مثل التأمل واليوغا والتنفس العميق يمكن أن تساعد في تقليل تأثير الإجهاد على مستويات السكر في الدم.

قلة النوم: اضطراب في التوازن الهرموني

النوم الكافي ضروري للصحة العامة، بما في ذلك تنظيم مستويات السكر في الدم. قلة النوم يمكن أن تؤدي إلى مقاومة الأنسولين، مما يعني أن الجسم يصبح أقل استجابة للأنسولين. كما أنها تؤثر على الهرمونات التي تنظم الشهية، مما قد يؤدي إلى الإفراط في تناول الطعام وزيادة الوزن. بالإضافة إلى ذلك، قلة النوم تزيد من مستويات الكورتيزول، وهو هرمون الإجهاد الذي يزيد من مستويات السكر في الدم. الحصول على 7-8 ساعات من النوم الجيد كل ليلة يساعد في الحفاظ على توازن الهرمونات وتنظيم مستويات السكر في الدم.

الخلاصة

في الختام، بينما الأدوية ضرورية لعلاج مرض السكري، فإن عوامل نمط الحياة غير الصحية يمكن أن تقلل بشكل كبير من فعاليتها. النظام الغذائي غير الصحي، والخمول البدني، والإجهاد المزمن، وقلة النوم كلها عوامل تساهم في سوء التحكم في نسبة السكر في الدم. من خلال تبني عادات نمط حياة صحية، مثل اتباع نظام غذائي متوازن، وممارسة النشاط البدني بانتظام، وإدارة الإجهاد، والحصول على قسط كاف من النوم، يمكن لمرضى السكري تحسين التحكم في نسبة السكر في الدم وتقليل خطر حدوث مضاعفات.