أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان باندلاع مواجهات عنيفة بين مقاتلين من العشائر البدوية ومجموعات درزية في محيط مدينة السويداء جنوب سوريا، وذلك عقب انسحاب القوات الحكومية التابعة لحكومة دمشق. تأتي هذه الاشتباكات في ظل تصاعد التوترات الأمنية في المنطقة، وتثير مخاوف من تفاقم الأوضاع الإنسانية وتوسع دائرة العنف. وتضاربت الأنباء حول أسباب الانسحاب الحكومي، حيث أشارت مصادر إلى أنه جاء في إطار محاولة لتهدئة الأوضاع، بينما تحدثت مصادر أخرى عن ضغوط مارستها قوى إقليمية ودولية. يذكر أن محافظة السويداء شهدت في الأشهر الأخيرة تزايداً في مظاهر الانفلات الأمني، بما في ذلك عمليات خطف وسطو مسلح، مما أثار استياء السكان المحليين ودفعهم إلى المطالبة بتحسين الأوضاع الأمنية وتوفير الحماية اللازمة لهم.
الرئاسة السورية تتهم "مجموعات خارجة عن القانون" بارتكاب جرائم مروعة
في بيان صادر عن رئاسة الجمهورية السورية، اتهمت الحكومة "مجموعات خارجة عن القانون" بارتكاب "جرائم مروعة" بحق المدنيين في السويداء عقب انسحاب قوات الجيش والأمن الداخلي من المحافظة. وأكدت الرئاسة على محاسبة جميع المتورطين في تلك الجرائم، مشيرة إلى أن القيادة السورية سحبت القوات العسكرية من السويداء إلى مواقعها "لإتاحة الفرصة أمام جهود التهدئة في المحافظة". وأضاف البيان أن الانسحاب جاء بناءً على تفاهم يضمن التزام القوات الخارجة عن القانون بعدم اللجوء إلى الانتقام أو استخدام العنف ضد المدنيين، وذلك استجابةً لوساطة أمريكية عربية. وشددت الرئاسة على أن الدولة السورية ملتزمة بمحاسبة كل من تورط في ارتكاب الجرائم وتجاوز القانون، أيّاً كانت الجهة التي ينتمي إليها. هذه الاتهامات المتبادلة تعكس مدى تعقيد الوضع في السويداء وتزيد من صعوبة التوصل إلى حل سلمي للأزمة.
وزراء خارجية عرب وأتراك يدعون إلى دعم سوريا ورفض التدخلات الخارجية
أجرى وزراء خارجية مصر، الأردن، الإمارات، البحرين، تركيا، السعودية، العراق، سلطنة عُمان، قطر، الكويت، ولبنان محادثات مكثفة تناولت تطورات الأوضاع في سوريا، ضمن سياق موقف موحّد يهدف إلى دعم الحكومة السورية في جهود إعادة بناء البلاد. وشدد الوزراء في بيان مشترك على "دعم أمن سوريا ووحدتها واستقرارها وسيادتها"، معربين عن "الرفض القاطع لكل أشكال التدخلات الخارجية في الشأن السوري". ورحّب البيان بـ"الاتفاق الذي أُنجِز لإنهاء الأزمة في محافظة السويداء"، مؤكداً على "ضرورة تنفيذه حمايةً لسوريا ووحدتها ولمواطنيها، وبما يحقن الدم السوري ويضمن حماية المدنيين وسيادة الدولة والقانون". كما رحب الوزراء بـ"التزام الرئيس السوري أحمد الشرع بمحاسبة كل المسؤولين عن التجاوزات بحق المواطنين السوريين في محافظة السويداء"، مع التأكيد على "دعم كل جهود بسط الأمن وسيادة الدولة والقانون في المحافظة وجميع الأراضي السورية، ورفض العنف والطائفية ومحاولات بث الفتنة والتحريض والكراهية".
إدانة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على سوريا
أدان البيان المشترك الصادر عن وزراء الخارجية العرب والأتراك "الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الجمهورية العربية السورية"، معتبراً أنها "تمثل خرقاً فاضحاً للقانون الدولي واعتداءً سافراً على سيادة سوريا، يزعزع أمنها واستقرارها ووحدة وسلامة أراضيها ومواطنيها، ويقوّض جهود الحكومة السورية لبناء سوريا الجديدة بما يحقق تطلعات شعبها". هذا الإدانة تأتي في ظل تزايد القلق الإقليمي والدولي من تداعيات استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية، والتي تعتبرها العديد من الدول بمثابة انتهاك صارخ للقانون الدولي وتقويض للجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة. وتدعو هذه الدول إلى ضرورة احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها، ووقف جميع الأعمال التي من شأنها أن تزيد من حدة التوتر وتعرقل عملية السلام.
مستقبل السويداء وسوريا في ظل التطورات الأخيرة
تبقى الأوضاع في السويداء وسوريا بشكل عام غير مستقرة، وتتأثر بالعديد من العوامل الداخلية والخارجية. فبالإضافة إلى الاشتباكات المسلحة بين الفصائل المحلية والعشائر البدوية، والاتهامات المتبادلة بين الحكومة والمعارضة، تواجه سوريا تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة، فضلاً عن التدخلات الخارجية من قبل قوى إقليمية ودولية. وفي ظل هذه الظروف المعقدة، يبقى تحقيق السلام والاستقرار في سوريا أمراً صعباً، ويتطلب جهوداً مضاعفة من جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الحكومة والمعارضة والمجتمع الدولي. ومن الضروري أيضاً معالجة الأسباب الجذرية للأزمة، بما في ذلك الفقر والبطالة والتهميش والإقصاء، وذلك من خلال تنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية شاملة تضمن حقوق جميع المواطنين السوريين وتساهم في بناء دولة ديمقراطية حديثة.