تولي مؤسسة الأزهر الشريف اهتمامًا بالغًا باللغة العربية، وتسعى جاهدة لنشرها وتعليمها في مختلف أنحاء العالم. هذا الاهتمام ليس مجرد واجب ديني أو ثقافي، بل هو إيمان عميق بأهمية اللغة العربية في توصيل المعرفة، وتعزيز التواصل بين الثقافات، وبناء جسور التفاهم بين الشعوب. من هذا المنطلق، يطلق الأزهر الشريف العديد من البرامج والمشروعات والمبادرات التي تهدف إلى خدمة اللغة العربية وتقديرها حق قدرها، وتذليل الصعاب أمام الطلاب الراغبين في تعلمها وإتقانها. ومن بين هذه المبادرات المتميزة، تبرز مسابقة مئذنة الأزهر في الشعر العربي، التي أطلقها مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين والأجانب، لتكون منارة إشعاع ثقافي وأدبي، ومنصة للإبداع الشعري الأصيل.
مسابقة مئذنة الأزهر في الشعر العربي: منصة للإبداع وتكريم للمرأة
تعد مسابقة مئذنة الأزهر في الشعر العربي حدثًا ثقافيًا هامًا، يهدف إلى تشجيع الإبداع الشعري باللغة العربية الفصحى، واكتشاف المواهب الشعرية الشابة، وإبراز دور الشعر في إثراء الثقافة العربية والإسلامية. وقد شهدت المسابقة في مواسمها السابقة إقبالًا كبيرًا من الشعراء من مختلف أنحاء العالم، مما يعكس شغفهم باللغة العربية وحرصهم على المشاركة في الفعاليات التي تحتفي بها. وفي كل موسم، تختار المسابقة موضوعًا محددًا، يركز على قضية أو قيمة معينة، بهدف توجيه الإبداع الشعري نحو خدمة المجتمع والإنسانية. ففي الموسم الأول، تناولت المسابقة موضوع "الأزهر الشريف وعلمائه"، وفي الموسم الثاني، احتفت باللغة العربية ومكانتها السامية بين اللغات، وفي الموسم الثالث، سلطت الضوء على مصر ومكانتها التاريخية بين الدول. أما في الموسم الرابع، فقد اختارت المسابقة موضوع "المرأة"، تقديرًا لدورها المحوري في بناء الأمم والمجتمعات، وإيمانًا بمكانتها السامقة في الحضارة الإنسانية.
الدكتورة نهلة الصعيدي وأهمية الشعر في تعزيز الهوية العربية
أكدت الدكتورة نهلة الصعيدي، أن إطلاق مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين والأجانب لهذه المسابقة، يأتي في إطار جهوده المتواصلة في تحقيق رسالة الأزهر الشريف في نشر اللغة العربية وتعليمها. كما بينت أن تنظيم المركز لهذه المسابقة في مواسم متتالية، يأتي إدراكًا منه لأهمية الشِّعر، فقد جاءت في موسمها الأول عن «الأزهر الشريف وعلمائه»، وفي الثاني عن «اللغة العربية ومكانتها السامِيَة بين اللغات»، وفي الثالث عن «مصر ومكانتها التاريخية بين الدول»، وها هو ذا الموسمُ الرابع لمسابقة مئذنة الأزهر في الشعر العربي يجيء عن المرأة؛ إيمانًا بمكانتها السَّامقة، وإسهامها المحوري في بناء الأمم والمجتمعات، بل والحضارة الإنسانية. هذا يؤكد على الدور الحيوي الذي يلعبه الشعر في الحفاظ على الهوية العربية وتعزيزها، ونقل القيم والمبادئ الأصيلة من جيل إلى جيل. فالشعر ليس مجرد كلمات وأوزان وقواف، بل هو وسيلة للتعبير عن المشاعر والأفكار، وتجسيد الأحلام والطموحات، وتوثيق الأحداث والتاريخ.
تكريم الشعراء المبدعين ونشر إبداعاتهم
في ختام كلمتها، وجهت الدكتورة نهلة الصعيدي تحيةً للشعراء الملهَمين والملهِمين الذين شاركوا في هذه المسابقة، والذين بلغ عددُهم مائة وسبعة عشر متسابقًا، حيث تم اختيارخمسين قصيدة من إبداعاتهم للنشر بديوان المسابقة. هذا التكريم يعكس تقدير الأزهر الشريف للشعراء ودورهم في إثراء الحياة الثقافية والأدبية. كما أن نشر إبداعاتهم في ديوان المسابقة يتيح للجمهور الاطلاع على هذه الأعمال المتميزة، والاستمتاع بجمال اللغة العربية وروعة الشعر. وتؤكد الدكتورة نهلة أن المسابقةَ وليدةٌ رغبة صادقة في خدمة الإسلام واللغة العربية، وأن مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين والأجانب الذي يؤدِّي دورًا كبيرًا في الحفاظ على اللغة العربية ونشرها؛ عازمٌ على أن تتطوَّر هذه المسابقة، وتَسْمُوَ، وتَسْمُقَ، وتتشكَّل في أبعاد أخرى وأشمل وأكثر عالمية. وهذا يعكس الطموح الكبير الذي يحمله الأزهر الشريف لتطوير هذه المسابقة وجعلها منصة عالمية للإبداع الشعري باللغة العربية.
مستقبل مسابقة مئذنة الأزهر في الشعر العربي
تتطلع مسابقة مئذنة الأزهر في الشعر العربي إلى مستقبل واعد، حيث تسعى إلى التوسع والتطور، واستقطاب المزيد من الشعراء من مختلف أنحاء العالم. كما تسعى إلى تنويع فعالياتها وأنشطتها، وتنظيم ورش عمل وندوات ومحاضرات، بهدف تطوير مهارات الشعراء وتبادل الخبرات والمعارف. وتهدف المسابقة أيضًا إلى استخدام التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي في نشر الشعر العربي والتعريف به، والوصول إلى جمهور أوسع من المهتمين. إن مسابقة مئذنة الأزهر في الشعر العربي تمثل نموذجًا رائدًا للمبادرات الثقافية التي تساهم في خدمة اللغة العربية وتعزيزها، وتشجيع الإبداع الشعري وتكريم المبدعين. وهي دعوة إلى جميع الشعراء والمهتمين بالشعر العربي للمشاركة في هذه المسابقة المتميزة، والمساهمة في إثراء الحياة الثقافية والأدبية.