أثارت التغطية الأولية لقناة فوكس نيوز لحادث كرايستشيرش في نيوزيلندا جدلاً واسعاً، حيث تم تصنيف الحادث في البداية على أنه "حادث إطلاق نار جماعي داخل مسجدين"، على الرغم من وجود أدلة قوية تشير إلى أنه هجوم إرهابي. هذه الأدلة شملت تصريحات رئيسة الوزراء النيوزيلاندية ومسؤولي الشرطة، بالإضافة إلى المذكرات التي نشرها منفذ الهجوم والفيديو الذي بثه مباشرة على وسائل التواصل الاجتماعي أثناء قيامه بقتل المصلين. هذا التوصيف الأولي، الذي قلل من خطورة الحادث وأبعاده الإرهابية، أثار تساؤلات حول دوافع القناة وانحيازاتها المحتملة في تغطية مثل هذه الأحداث.

 

توجهات القناة في تغطية قضايا العنف والتمييز ضد المسلمين

يتماشى هذا التوجه في التغطية مع نمط سابق لقناة فوكس نيوز في التعامل مع قضايا العنف والتمييز ضد المسلمين والمهاجرين. غالباً ما يتم التركيز على الجوانب الجنائية البحتة للأحداث، مع إغفال أو التقليل من أهمية الدوافع الأيديولوجية المتطرفة التي قد تقف وراءها. هذا النهج يمكن أن يؤدي إلى تضليل الجمهور وتشويه فهمهم لطبيعة التهديدات التي تواجه المجتمعات المتنوعة. بالإضافة إلى ذلك، فإن التركيز على "حادث إطلاق نار جماعي" بدلاً من "هجوم إرهابي" قد يساهم في نزع الصفة الإنسانية عن الضحايا وتجاهل البعد الديني أو العرقي للاستهداف.

 

الدفاع عن ترامب وتجاهل خطورة جماعات تفوق العرق الأبيض

ركزت فوكس نيوز جزءاً كبيراً من تغطيتها للحادث على الدفاع عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ووصفت محاولات ربط اسمه بالحادث بأنها "تكتيكات سياسية يسارية" تهدف إلى تحقيق مكاسب حزبية والضغط من أجل فرض قيود على التعديل الثاني للدستور الأمريكي. كما قللت القناة من خطورة جماعات تفوق العرق الأبيض، وانتقدت المبالغة في تصويرها كتهديد للأمن القومي الأمريكي. هذا التوجه يثير مخاوف بشأن إمكانية ترويج القناة لأجندات سياسية معينة على حساب تقديم تغطية إخبارية متوازنة وموضوعية.

 

توظيف إطار "المسؤولية الاجتماعية" لتبرئة ترامب

استخدمت القناة إطار "المسؤولية الاجتماعية" للتركيز على دور الأفراد في رفض أي ربط بين منفذ الهجوم والرئيس الأمريكي ترامب، والمبالغة في تداول هذه التصريحات. تم التركيز على الأمن القومي للبلاد وتأثيرات الحادث في خلق "فوضى عارمة" كتلك التي حدثت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر. هذا التركيز على "المسؤولية الاجتماعية" بدا وكأنه محاولة لتبرئة ترامب من أي مسؤولية محتملة عن الحادث، وتحويل التركيز بعيداً عن الدوافع الأيديولوجية للعنف.

 

مدونة سلوك مهنية وأخلاقية لتغطية الحوادث الإرهابية

في نهاية المطاف، أكدت الدراسة على أهمية تبني مدونة سلوك مهنية وأخلاقية لتغطية الحوادث الإرهابية التي تستهدف دور العبادة. تضمنت المدونة ٢٠ توصية عملية ومعياراً أخلاقياً لتحسين الممارسة الإعلامية والصحفية في تغطية الحوادث الإرهابية بشكل عام، وبخاصة التي تستهدف دور العبادة. أوصت لجنة الحكم والمناقشة بضرورة تبني الهيئات والمجالس الإعلامية لهذه المدونة لضمان تغطية مسؤولة وموضوعية لهذه الأحداث الحساسة، وتجنب التحيزات التي قد تؤدي إلى تضليل الجمهور وتفاقم التوترات الاجتماعية.