يعتمد لويس إنريكي في أسلوبه التدريبي على عدة مبادئ أساسية، من بينها التفوق الفردي وخاصة في المواجهات 1 ضد 1 على الأجنحة. التركيز هنا ليس فقط على الاستحواذ على الكرة، بل على الاختراق المستمر لدفاعات الخصم. يظهر ذلك جلياً في الاعتماد على لاعبين مثل ديمبيلي وكفاراتسخيليا (أو بدائلهم)، الذين يمتلكون مهارات فردية عالية وقدرة على تجاوز المدافعين. هذا الأسلوب يخلق فرصاً للتسجيل ويشتت تركيز الدفاع، مما يفتح مساحات لبقية اللاعبين. إنريكي يركز على تعليم اللاعبين كيفية استغلال مهاراتهم الفردية في خدمة الفريق، وتحويل المهارة الفردية إلى قوة جماعية. التدريب المستمر على المراوغة والتسديد من زوايا صعبة، بالإضافة إلى التركيز على التمرير السريع والمتقن، كلها عناصر أساسية في هذه الاستراتيجية. كما أن حرية الحركة الممنوحة للاعبين على الأطراف تسمح لهم باتخاذ قرارات سريعة ومفاجئة، مما يصعب على المدافعين توقع تحركاتهم. هذا الأسلوب يتطلب لياقة بدنية عالية وقدرة على التحمل، حيث أن اللاعبين مطالبون بالركض المستمر والمناورة بالكرة تحت الضغط.
الضغط الجماعي: أساس المنظومة الدفاعية الهجومية
الضغط الجماعي هو حجر الزاوية في تكتيك لويس إنريكي. يبدأ الضغط من خط الهجوم، حيث لا ينتظر المهاجمون استعادة الكرة، بل يضغطون على دفاع الخصم فور فقدانها. يتقدم الجناحان والأظهرة لتشكيل ضغط ثلاثي أو رباعي، مما يحد من خيارات التمرير المتاحة للمدافعين ويجبرهم على ارتكاب الأخطاء. يطلب إنريكي من لاعبيه الضغط ككتلة واحدة مع تقارب المسافات بين الخطوط، مما يقلل من المساحات المتاحة للخصم ويصعب عليه بناء الهجمات. هذا الأسلوب يتطلب تنسيقاً عالياً بين اللاعبين وفهماً عميقاً لأدوارهم ومسؤولياتهم. الضغط الجماعي لا يقتصر على استعادة الكرة، بل يهدف أيضاً إلى إجبار الخصم على التمرير الخاطئ أو التشتيت العشوائي، مما يزيد من فرص الفريق في استعادة السيطرة وبناء الهجمات. هذا الأسلوب كان يفتقده مع مبابي، الذي لم يكن يلتزم بالضغط بشكل كامل، ولكن بعد رحيله، أصبح الفريق أكثر التزاماً وتوازناً دفاعياً وهجومياً. الضغط يبدأ من الأمام وينتهي باستعادة الكرة في مناطق متقدمة من الملعب، مما يتيح للفريق فرصاً للتسجيل من مسافات قريبة.
وسط ميدان متنوع: بدون أدوار تقليدية
يعتمد إنريكي على ثلاثي وسط متنوع وبدون أدوار تقليدية، يضم جواو نيفيس، فيتينيا، وفابيان رويز. لا يوجد صانع لعب كلاسيكي أو لاعب ارتكاز ثابت، بل ثلاثي يؤدي جميع الأدوار: الضغط عند فقدان الكرة، بناء اللعب من الخلف، المساهمة في التمريرات الحاسمة، واختراق العمق من الخلف. هذا التنوع يمنح الفريق مرونة تكتيكية عالية ويصعب على الخصم توقع تحركاتهم. الهدف هو الحفاظ على إيقاع عالٍ طوال المباراة، ومنع الخصم من بناء هجماته بأريحية. هذا الأسلوب يتطلب لاعبين يتمتعون بمهارات عالية في التمرير والتسديد والمراوغة، بالإضافة إلى قدرة على قراءة الملعب واتخاذ القرارات السريعة. إنريكي يركز على تطوير مهارات اللاعبين في جميع الجوانب، وتحويلهم إلى لاعبين شاملين قادرين على التأثير في جميع مناطق الملعب. كما أن التناوب المستمر في الأدوار بين لاعبي الوسط يربك دفاع الخصم ويخلق مساحات للاختراق والتسجيل.
جناح بلا رأس حربة: مرونة هجومية
رغم عدم وجود رقم 9 كلاسيكي دائمًا في التشكيل الأساسي، يعتمد إنريكي على تحركات مرنة من ديمبيلي ودويه وكفاراتسخيليا، الذين يتناوبون على الدخول إلى منطقة الجزاء. في المقابل، يحتفظ بأسماء مثل راموس ومايولو على مقاعد البدلاء لاستخدامهم عند الحاجة لتغيير الإيقاع. هذا الأسلوب يسمح للفريق بالتحرك بحرية وتبادل المراكز باستمرار، مما يصعب على المدافعين مراقبة تحركاتهم. الفريق يهاجم ككتلة واحدة ويدافع ككتلة واحدة، مما يزيد من فعالية الضغط الجماعي ويقلل من المساحات المتاحة للخصم. هذه المرونة الهجومية تجعل الفريق قادراً على التكيف مع مختلف الظروف والتكتيكات، وتزيد من فرص التسجيل من مختلف الزوايا والمسافات. إنريكي يركز على تدريب اللاعبين على التحرك بدون كرة واستغلال المساحات المتاحة، مما يزيد من فعالية الهجوم ويصعب على المدافعين توقع تحركاتهم.
دكة البدلاء: سر قوة باريس سان جيرمان
من أسرار قوة باريس الحالية هي دكة البدلاء الغنية بالعناصر المؤثرة، مثل باركولا، زائير إيمري، كانج إن لي، وبرادلي باركولا. الجميع جاهز للدخول بنفس النسق، وينفذ الأدوار المطلوبة دون أي انخفاض في الأداء أو الإيقاع. هذا العمق في التشكيلة يسمح لإنريكي بإجراء تغييرات تكتيكية في منتصف المباراة وتغيير مجرى اللعب. باريس سان جيرمان في نسخة إنريكي أصبح الفريق الأكثر توازنًا في أوروبا: يسجل رباعيات وخماسيات ضد كبار القارة، لديه استحواذ فعال وليس عقيمًا، تنظيم دفاعي يبدأ من الأمام، وتنوع في الحلول واللاعبين دون الاعتماد على اسم واحد. هذا التوازن هو نتيجة عمل دؤوب وتدريب مكثف، بالإضافة إلى فهم عميق من اللاعبين لأدوارهم ومسؤولياتهم. إنريكي نجح في بناء فريق متكامل قادر على المنافسة على أعلى المستويات، وهذا يجعله من أبرز المدربين في العالم حالياً.