أوضح توماس، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية أمل الحناوي، في برنامج «عن قرب مع أمل الحناوي»، على قناة «القاهرة الإخبارية»، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يسعى إلى تحقيق إنجازات على صعيد السياسة الخارجية، وعلى المستوى المحلي داخل الولايات المتحدة. واعتبر أن الدفع باتجاه وقف إطلاق النار في غزة لمدة 60 يومًا يصب في مصلحة الجميع سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي. هذا التحليل يضع في صميم اهتمامه الديناميكيات السياسية الداخلية والخارجية التي تحرك صانع القرار الأمريكي، مع التركيز على كيفية استغلال القضايا الدولية، مثل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لتعزيز مكانة الرئيس ترامب على الساحة العالمية وفي الداخل الأمريكي. إن السعي نحو تحقيق إنجازات ملموسة في السياسة الخارجية، خاصة في منطقة الشرق الأوسط المضطربة، يمثل تحديًا كبيرًا، ولكنه في الوقت نفسه يوفر فرصة للرئيس الأمريكي لإثبات قدرته على لعب دور الوسيط النزيه والقادر على تحقيق السلام والاستقرار. وبالتالي، فإن مبادرة وقف إطلاق النار في غزة لا تُرى فقط كجهد إنساني لإنهاء معاناة المدنيين، بل أيضًا كأداة سياسية يمكن أن تعزز صورة الرئيس ترامب كصانع سلام.

 

وأضاف الخبير الأمريكي، أن حركة حماس كانت قد طرحت عددًا من الشروط المتعلقة بالمباحثات الجارية، مشيرًا إلى أن إسرائيل بدأت تتعامل مع ملف إدخال المساعدات الإنسانية بمرونة أكبر مقارنة بما كان عليه الوضع سابقًا. هذا التطور في الموقف الإسرائيلي، بحسب الخبير، يعكس ضغوطًا دولية متزايدة على إسرائيل لتخفيف الحصار المفروض على قطاع غزة والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى السكان المحتاجين. ومع ذلك، فإن هذه المرونة لا تزال محدودة وتخضع لشروط ورقابة صارمة، مما يجعل وصول المساعدات إلى المحتاجين عملية بطيئة ومعقدة. من جهة أخرى، فإن شروط حركة حماس المطروحة في المباحثات الجارية تشير إلى أن الحركة تسعى إلى تحقيق مكاسب سياسية وأمنية ملموسة مقابل الموافقة على وقف إطلاق النار. هذه الشروط قد تشمل رفع الحصار بشكل كامل، والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، وضمان عدم تكرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة. وبالتالي، فإن تحقيق اتفاق لوقف إطلاق النار يتطلب توازناً دقيقاً بين مطالب الطرفين، وتنازلات متبادلة من أجل الوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف المعنية.

 

وشدد على ضرورة أن يُسمح للولايات المتحدة بالاضطلاع بدور رئيسي في توزيع المساعدات داخل القطاع، مؤكدًا أهمية إشراك منظمات دولية مثل الهلال الأحمر والصليب الأحمر لضمان تنسيق أفضل للعمل الإنساني في غزة. هذا التأكيد على الدور الأمريكي في توزيع المساعدات يعكس رغبة الولايات المتحدة في تعزيز نفوذها في قطاع غزة وتأكيد التزامها تجاه الشعب الفلسطيني. كما أن إشراك منظمات دولية محايدة مثل الهلال الأحمر والصليب الأحمر يضمن وصول المساعدات إلى المحتاجين بشكل عادل وشفاف، ويقلل من خطر استغلال المساعدات لأغراض سياسية أو عسكرية. إن التنسيق الفعال بين مختلف الجهات الفاعلة في المجال الإنساني، بما في ذلك الولايات المتحدة والمنظمات الدولية والمحلية، أمر ضروري لضمان وصول المساعدات إلى أكبر عدد ممكن من المحتاجين، وتلبية احتياجاتهم الأساسية من الغذاء والدواء والمأوى. بالإضافة إلى ذلك، فإن إشراك منظمات دولية ذات خبرة واسعة في العمل الإنساني يساعد على تحسين جودة المساعدات المقدمة وضمان فعاليتها.

 

إن الدور الذي يمكن أن تلعبه الولايات المتحدة في هذا الصدد لا يقتصر فقط على تقديم المساعدات المالية والإنسانية، بل يشمل أيضًا الضغط على الأطراف المعنية لتسهيل وصول المساعدات إلى المحتاجين، وضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني. كما يمكن للولايات المتحدة أن تلعب دورًا حاسمًا في الوساطة بين الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية للتوصل إلى اتفاق يسمح بفتح المعابر الحدودية وتسهيل حركة البضائع والأفراد من وإلى قطاع غزة. إن تحقيق الاستقرار في قطاع غزة يتطلب معالجة الأسباب الجذرية للأزمة الإنسانية، بما في ذلك الحصار المفروض على القطاع، والفقر والبطالة المتفشية، والدمار الذي خلفته العمليات العسكرية الإسرائيلية المتكررة. وبالتالي، فإن الحلول المستدامة للأزمة في غزة يجب أن تتضمن خططًا لإعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية، وتوفير فرص عمل للشباب الفلسطيني، وتحسين البنية التحتية في القطاع.

 

في الختام، يظهر جلياً أن تحقيق وقف إطلاق النار في غزة ليس مجرد مسألة إنسانية، بل هو أيضًا قضية سياسية معقدة تتطلب تضافر جهود جميع الأطراف المعنية. إن الولايات المتحدة، بصفتها قوة عظمى ذات نفوذ كبير في المنطقة، يمكن أن تلعب دورًا حاسمًا في تحقيق السلام والاستقرار في قطاع غزة. ومع ذلك، فإن تحقيق هذا الهدف يتطلب التزامًا حقيقيًا من جميع الأطراف، وتنازلات متبادلة، ورؤية شاملة لمعالجة الأسباب الجذرية للأزمة. إن استمرار الوضع الراهن في غزة لا يخدم مصلحة أحد، بل يزيد من معاناة المدنيين ويؤدي إلى تفاقم التوترات الإقليمية. لذلك، فإن تحقيق السلام والاستقرار في غزة يمثل أولوية قصوى يجب أن تسعى جميع الأطراف إلى تحقيقها.