في مشهد يثير الدهشة والتأمل، وجد المسعف الشاذلي محمد أحمد نفسه أمام موقف مشابه تمامًا لموقف مر به قبل عام. بينما كان برفقة فني القيادة عمار محمد يوسف، متوجهين إلى عنوان استغاثة في إحدى قرى قوص، بدأ الشاذلي يسترجع تفاصيل تجربة سابقة. قبل عام، استجاب الشاذلي لاستغاثة مماثلة في نفس القرية، حيث ساعد سيدة على وضع مولودها الأول. الشعور بالديجافو كان قويًا، إلا أن الشاذلي استبعد تمامًا فكرة تكرار نفس السيناريو بكل تفاصيله. فالظروف تتغير، والأحداث لا تتطابق أبدًا، هكذا ظن.

 

لكن القدر كان له رأي آخر. مع اقتراب سيارة الإسعاف من العنوان المحدد، تيقن الشاذلي أن الاستغاثة صادرة من نفس المنزل الذي شهد ولادة الطفل الأول قبل عام. المفاجأة والترقب امتزجا في نفس اللحظة. هل سيشهد نفس المشهد مرة أخرى؟ هل سيقوم بنفس الدور؟ الأسئلة تلاحقت في ذهن المسعف بينما يستعد لمواجهة الموقف. لم يكن لديه الكثير من المعلومات حول الحالة، سوى أن هناك سيدة تحتاج إلى مساعدة عاجلة. الخبرة التي اكتسبها في مجال الإسعافات الأولية، والهدوء الذي يتمتع به في المواقف الصعبة، كانا سلاحه الوحيد في مواجهة هذا التحدي.

 

وصل المسعف الشاذلي محمد والفني عمار محمد يوسف إلى المنزل، ليجدوا السيدة في حالة ولادة متقدمة. الخبرة التي اكتسبها الشاذلي من المرة السابقة ساعدته على التعامل مع الموقف بهدوء وثقة. قام بتقييم حالة الأم، والتأكد من سلامة الجنين، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتسهيل عملية الولادة. لم تمضِ سوى دقائق قليلة حتى وضعت السيدة مولودها الثاني. الفرحة عمت المكان، والجميع تنفس الصعداء. قام الشاذلي بقطع الحبل السري، وتجفيف وتحفيز الطفل، ومتابعة علاماته الحيوية للتأكد من سلامته. كانت لحظات مليئة بالتوتر والترقب، لكنها انتهت بنجاح بفضل الله وجهود المسعف.

 

بعد التأكد من سلامة الأم والمولود، أصر المسعف الشاذلي محمد على اصطحابهما إلى مستشفى قوص المركزي. كان يرى أن الرعاية الطبية المتخصصة ضرورية لضمان سلامتهما. وبالفعل، تم نقلهما إلى المستشفى حيث تلقيا الرعاية اللازمة. هذه الواقعة تجسد الدور الإنساني النبيل الذي يقوم به المسعفون في إنقاذ الأرواح وتقديم المساعدة للمحتاجين. كما أنها تذكرنا بأن القدر قد يحمل لنا مفاجآت لا نتوقعها، وأن الخبرة والمعرفة هما أفضل سلاح لمواجهة التحديات.

 

قصة المسعف الشاذلي محمد مع السيدة في قرية قوص هي قصة إنسانية مؤثرة، تسلط الضوء على أهمية مهنة الإسعاف، وعلى التفاني والإخلاص الذي يتحلى به المسعفون. كما أنها تذكرنا بأن القدر قد يضعنا في مواقف مشابهة لتلك التي مررنا بها من قبل، وأن الخبرة والمعرفة هما أفضل سلاح لمواجهة التحديات. هذه القصة هي شهادة على أن الإنسانية لا تزال موجودة، وأن هناك أشخاصًا مستعدون للتضحية بوقتهم وجهدهم من أجل مساعدة الآخرين. فجزاء هؤلاء المسعفين عظيم عند الله.