أفادت وكالة فرات للأنباء بنشر رسالة من عبد الله أوجلان، الزعيم التاريخي لحزب العمال الكردستاني، يدعو فيها إلى "إنهاء الكفاح المسلح بشكل طوعي، والانتقال إلى العمل السياسي القانوني". وشدد أوجلان في رسالته على أن عملية إلقاء السلاح "سيتم تحديدها بالطرق المناسبة وبخطوات عملية سريعة". هذا التحول المحتمل يمثل نقطة تحول هامة في الصراع المستمر منذ عقود بين حزب العمال الكردستاني والدولة التركية، ويفتح الباب أمام إمكانية تحقيق سلام دائم. إن دعوة أوجلان، الذي يقضي عقوبة السجن المؤبد في جزيرة إيمرالي، تحمل وزناً كبيراً نظراً لمكانته القيادية وتأثيره على الحزب وأتباعه. التركيز على "العمل السياسي القانوني" يشير إلى رغبة في المشاركة في العملية السياسية التركية من خلال القنوات الديمقراطية، بدلاً من اللجوء إلى العنف. يبقى أن نرى كيف سيتم استقبال هذه الدعوة من قبل مختلف الأطراف المعنية، بما في ذلك الحكومة التركية، والفصائل المختلفة داخل حزب العمال الكردستاني، والمجتمع الكردي الأوسع.

 

مقترح تشكيل لجنة برلمانية للإشراف على نزع السلاح وعملية السلام

اقترح أوجلان أيضاً أن يقوم البرلمان التركي بتشكيل لجنة للإشراف على عملية نزع السلاح، وإدارة عملية سلام أوسع نطاقا. هذا المقترح يعكس رغبة في إضفاء الشرعية المؤسسية على عملية السلام، وضمان مشاركة ممثلي الشعب التركي في هذه العملية الحساسة. تشكيل لجنة برلمانية يمكن أن يوفر منصة للحوار والتفاوض بين مختلف الأطراف، ويساعد على بناء الثقة المتبادلة. كما يمكن للجنة أن تلعب دوراً هاماً في مراقبة تنفيذ اتفاقيات السلام، وضمان التزام جميع الأطراف ببنودها. إن مشاركة البرلمان في عملية السلام يمكن أن تزيد من فرص نجاحها، وتضمن أن تكون نتائجها مقبولة على نطاق واسع من قبل الشعب التركي. يبقى التحدي الأكبر هو التغلب على الشكوك المتبادلة بين حزب العمال الكردستاني والدولة التركية، وإيجاد صيغة توافقية تضمن حقوق جميع الأطراف.

 

حزب العمال الكردستاني يعلن نهاية أجندته الانفصالية

أشار أوجلان في رسالته إلى أن حزب العمال الكردستاني أنهى أجندته الانفصالية، واصفا هذا التحول بأنه "فوز تاريخي". هذه التصريحات تمثل تحولاً كبيراً في موقف الحزب، الذي طالما سعى إلى إقامة دولة كردية مستقلة في جنوب شرق تركيا. إن التخلي عن الأجندة الانفصالية يمكن أن يمهد الطريق أمام التوصل إلى حل سياسي للصراع الكردي في تركيا، يقوم على أساس الاعتراف بحقوق الأكراد الثقافية والسياسية والاقتصادية داخل إطار الدولة التركية الموحدة. وصف أوجلان لهذه الخطوة بأنها "فوز تاريخي" يشير إلى اعتقاده بأن تحقيق حقوق الأكراد لا يتطلب بالضرورة إقامة دولة مستقلة، بل يمكن تحقيقه من خلال المشاركة الفعالة في العملية السياسية التركية. يبقى أن نرى كيف سيتم ترجمة هذا التحول في الموقف على أرض الواقع، وما هي الضمانات التي سيحصل عليها الأكراد مقابل التخلي عن مطلب الاستقلال.

 

إعلان حل حزب العمال الكردستاني وإلقاء السلاح

أعلن حزب العمال الكردستاني في 12 مايو عن حل نفسه وإلقاء السلاح، منهيا بذلك أكثر من 4 عقود من التمرّد على الدولة التركية الذي خلّف ما لا يقلّ عن 45 ألف قتيل. هذا الإعلان جاء تلبية لدعوة أطلقها أوجلان في 27 فبراير من سجنه، حضّ فيها مقاتليه على إلقاء السلاح وحل الحزب. إن حل حزب العمال الكردستاني وإلقاء السلاح يمثل خطوة تاريخية نحو إنهاء الصراع الدامي الذي استمر لعقود، وتسبب في معاناة كبيرة لكلا الطرفين. يبقى التحدي الأكبر هو ضمان عدم عودة العنف، وإيجاد آليات فعالة لمعالجة المظالم التاريخية التي أدت إلى اندلاع الصراع في المقام الأول. يجب أن يتبع هذه الخطوة خطوات ملموسة من قبل الحكومة التركية لتحسين أوضاع الأكراد في تركيا، وضمان حقوقهم الثقافية والسياسية والاقتصادية.

 

بدء تسليم الأسلحة في شمال العراق

في تطور آخر، أعلن الحزب في 3 يوليو أن مقاتليه في شمال العراق سيبدؤون تسليم أسلحتهم، في أول خطوة عملية ضمن عملية السلام. ومن المقرر أن تُقام أولى مراسم نزع السلاح هذا الأسبوع في شمال العراق، حيث يتمركز معظم مقاتلي الحزب منذ سنوات. بدء تسليم الأسلحة يمثل خطوة ملموسة نحو تنفيذ اتفاق السلام، ويدل على جدية الحزب في الالتزام ببنوده. إن نجاح عملية نزع السلاح يتطلب تعاوناً وثيقاً بين جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الحكومة التركية، وحكومة إقليم كردستان العراق، والمجتمع الدولي. كما يتطلب توفير ضمانات أمنية لمقاتلي الحزب الذين يسلمون أسلحتهم، وضمان عدم تعرضهم لأي أعمال انتقامية. يبقى الأمل معقوداً على أن تؤدي هذه الخطوة إلى تحقيق سلام دائم في المنطقة، وإنهاء الصراع الدامي الذي استمر لعقود.