أكد نواف سلام، في تصريح عاجل، على أن حصرية السلاح وبسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية هو مبدأ أساسي توافق عليه اللبنانيون منذ اتفاق الطائف. ويأتي هذا التصريح في ظل التوترات السياسية والأمنية المستمرة التي تشهدها البلاد، والتي تثير تساؤلات حول قدرة الدولة على فرض سيادتها وتأمين الاستقرار. إن اتفاق الطائف، الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية، نص بوضوح على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة، وهو ما يمثل ركيزة أساسية لبناء دولة القانون والمؤسسات. إلا أن هذا المبدأ ظل موضع خلاف وتحديات مستمرة، حيث لا تزال هناك قوى سياسية وعسكرية تحتفظ بسلاحها خارج إطار الدولة، مما يقوض سلطة الدولة ويعيق جهودها في تحقيق الأمن والاستقرار. تصريح سلام يعيد التأكيد على أهمية هذا المبدأ وضرورة التمسك به، باعتباره السبيل الوحيد لبناء دولة قوية وقادرة على حماية مواطنيها وضمان حقوقهم.

تحديات تواجه تطبيق حصرية السلاح

على الرغم من وضوح النص الدستوري واتفاق اللبنانيين على مبدأ حصرية السلاح، إلا أن تطبيقه على أرض الواقع يواجه تحديات كبيرة. أحد أبرز هذه التحديات هو وجود ميليشيات مسلحة قوية، تتمتع بدعم شعبي وسياسي واسع، ترفض تسليم سلاحها للدولة. هذه الميليشيات تعتبر سلاحها ضرورة لحماية نفسها ومصالحها، وتخشى من أن يؤدي تسليمه إلى إضعافها وتعريضها للخطر. بالإضافة إلى ذلك، هناك مشكلة انتشار السلاح غير الشرعي في المجتمع، والذي يساهم في تفاقم العنف والجريمة. هذا السلاح ينتشر بسهولة بسبب ضعف الرقابة على الحدود وتفشي الفساد في الأجهزة الأمنية. كما أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية تساهم في انتشار السلاح، حيث يلجأ البعض إلى حمله لحماية أنفسهم وممتلكاتهم في ظل غياب الأمن.

أهمية بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي

إن بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية هو شرط أساسي لتحقيق الاستقرار والتنمية في البلاد. فالدولة القوية هي القادرة على فرض القانون وحماية حقوق المواطنين وتوفير الخدمات الأساسية لهم. وعندما تكون الدولة غائبة أو ضعيفة، فإن الفوضى والعنف ينتشران، وتتعطل الحياة الاقتصادية والاجتماعية. إن وجود مناطق خارج سيطرة الدولة يسمح للجماعات المسلحة بتنفيذ أنشطتها الإجرامية والإرهابية، ويهدد الأمن القومي للبلاد. كما أن غياب الدولة يعيق جهود التنمية، حيث يمتنع المستثمرون عن الاستثمار في المناطق غير الآمنة، ويفقد المواطنون الثقة في المستقبل. لذلك، فإن بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي هو ضرورة ملحة لتحقيق الاستقرار والتنمية في لبنان.

دور المجتمع الدولي في دعم الدولة اللبنانية

يمكن للمجتمع الدولي أن يلعب دوراً هاماً في دعم الدولة اللبنانية في جهودها لبسط سلطتها وحصر السلاح بيدها. يمكن للمجتمع الدولي أن يقدم المساعدة المالية والتقنية للأجهزة الأمنية اللبنانية لتعزيز قدراتها وتطوير أدائها. كما يمكنه أن يضغط على القوى السياسية والعسكرية التي تحتفظ بسلاحها خارج إطار الدولة لإقناعها بتسليم سلاحها والانخراط في العملية السياسية السلمية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمجتمع الدولي أن يساعد لبنان في مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في المؤسسات الحكومية، مما يزيد من ثقة المواطنين بالدولة ويشجعهم على التعاون معها. إن دعم المجتمع الدولي للدولة اللبنانية يجب أن يكون شاملاً ومستداماً، وأن يهدف إلى بناء دولة قوية وقادرة على حماية مواطنيها وضمان حقوقهم.

مستقبل لبنان في ظل التحديات الراهنة

إن مستقبل لبنان يواجه تحديات كبيرة في ظل الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية الراهنة. فالبلاد تعاني من أزمة اقتصادية حادة، وتدهور في الأوضاع المعيشية، وتزايد في معدلات الفقر والبطالة. كما أن الأوضاع السياسية متوترة، والخلافات بين القوى السياسية تعيق تشكيل حكومة قادرة على مواجهة التحديات. بالإضافة إلى ذلك، هناك تهديدات أمنية مستمرة، سواء من الجماعات الإرهابية أو من الصراعات الإقليمية. ولكن على الرغم من هذه التحديات، فإن لدى لبنان فرصاً كبيرة للنهوض والتقدم. فالبلاد تمتلك موارد بشرية مؤهلة، وموقعاً استراتيجياً هاماً، وثقافة غنية ومتنوعة. وإذا تمكن اللبنانيون من التوحد وتجاوز خلافاتهم، والعمل معاً لبناء دولة قوية وقادرة على حماية مصالحهم، فإن لبنان يمكن أن يستعيد دوره الريادي في المنطقة ويحقق الازدهار والتقدم.