يشهد المحيط الأطلسي ارتفاعًا غير معتاد في درجات الحرارة، الأمر الذي أثار قلق العلماء، خاصةً أولئك الذين يراقبون عن كثب حركة الأعاصير. ففي بعض المناطق، وصلت درجات الحرارة إلى مستويات مُسجلة عادةً في شهر سبتمبر، أي قبل ثلاثة أشهر من الموعد المعتاد. هذا الارتفاع المبكر يثير تساؤلات حول تأثيره على موسم الأعاصير القادم، وما إذا كان سيؤدي إلى زيادة في عدد العواصف وشدتها.
وذكرت صحيفة "ميامي هيرالد" أن درجات الحرارة المرتفعة قد تكون السبب وراء التشابه بين خريطة تتبع الأعاصير التي وضعها "المركز الوطني للأعاصير" والظروف المناخية المعتادة في شهر أغسطس، وليس يونيو. تُعتبر المياه الدافئة وقودًا للأعاصير، حيث توفر الطاقة اللازمة لتكوينها وتغذيتها. ومع ذلك، يؤكد الخبراء أن ارتفاع حرارة المياه ليس العامل الوحيد المؤثر في نشاط الأعاصير.
تأثير ارتفاع درجة حرارة المياه
يشير "مايكل فيشر"، العالم المساعد في "المعهد التعاوني للدراسات البحرية والجوية" التابع لـ "الهيئة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي" بـ "جامعة ميامي"، إلى أن المنطقة (بما في ذلك شرقي البحر الكاريبي) شهدت ارتفاعًا في درجة الحرارة بنحو 1.6 درجة مئوية خلال الفترة بين أبريل ويونيو. ويضيف أن هذا الارتفاع يتجاوز المعدل الطبيعي بمقدار درجة مئوية واحدة، ويصف الوضع بأنه "أكبر من أي معدل شهدناه خلال السنوات الأربعين الماضية، ومن المؤكد أن الأطلسي فوق سطح ساخن". هذه الزيادة الكبيرة في درجة حرارة المياه تثير مخاوف جدية بشأن احتمالية موسم أعاصير أكثر نشاطًا من المعتاد.
العوامل المؤثرة الأخرى
على الرغم من أهمية درجة حرارة المياه، إلا أن خبراء الأرصاد الجوية يشددون على وجود عوامل أخرى تلعب دورًا في تحديد قوة وتواتر الأعاصير. أحد هذه العوامل هو الأتربة المنبعثة من الصحراء الإفريقية، والتي عادة ما تعمل على تبريد المناطق الاستوائية في المحيط خلال الفترة المبكرة من فصل الصيف. هذه الأتربة تشكل سحابة من الغبار تعيق وصول أشعة الشمس إلى سطح الماء، مما يساعد في الحفاظ على برودة المحيط. ومع ذلك، شهد هذا الشهر تراجعًا غير معتاد في موجة الأتربة، مما ساهم في ارتفاع درجة حرارة المياه بشكل أكبر. بالإضافة إلى ذلك، تلعب تيارات الرياح دورًا هامًا في تنظيم درجة حرارة المحيط، حيث يساعد نظام الضغط العالي بين جزيرة بيرمودا وجزر الأزور على تبريد المياه. أي تغيير في هذه التيارات يمكن أن يؤثر على درجة حرارة المحيط وبالتالي على نشاط الأعاصير.
في الختام، يُعد ارتفاع حرارة المحيط الأطلسي مصدر قلق حقيقي للعلماء والخبراء، حيث يُنذر بموسم أعاصير قد يكون أكثر نشاطًا من المعتاد. ومع ذلك، من المهم الأخذ في الاعتبار جميع العوامل المؤثرة، وليس فقط درجة حرارة المياه، من أجل فهم أفضل للظروف المناخية المتوقعة والاستعداد لمواجهة أي طارئ. المراقبة المستمرة والتحليل الدقيق للبيانات هما المفتاح لفهم التغيرات المناخية والتنبؤ بها بدقة.