أثار رجل صيني مصاب بشلل الأطفال، ويدعى هو لي، موجة من الإعجاب والتقدير في جميع أنحاء البلاد، بعد تبرعه بكميات كبيرة من المؤن الغذائية لضحايا الفيضانات التي ضربت جنوب غرب الصين. هذه اللفتة الإنسانية، التي قام بها هذا الرجل الذي يُعرف بـ "العملاق الراكع"، تجسد قيم التضحية والكرم، وتؤكد أن العطاء ليس مرتبطًا بالثراء أو القدرة الجسدية، بل بالإرادة الصادقة والرغبة في مساعدة الآخرين. قصة "هو لي" هي قصة ملهمة، تُظهر كيف يمكن لشخص بسيط، يعيش ظروفًا صعبة، أن يكون مصدرًا للأمل والعطاء للمجتمع بأسره.

 

تفاصيل التبرع السخي

قام "هو لي"، البالغ من العمر 32 عامًا، بشراء 5000 كيلوجرام من الأرز، و500 صندوق من المعكرونة سريعة التحضير، و500 زجاجة من المياه المعدنية، و100 مصباح يدوي، و2000 زوج من القفازات، بتكلفة إجمالية بلغت 8 آلاف دولار أمريكي. لم يكتف "هو" بهذا القدر، بل حشد أصدقائه الذين تبرعوا بسلع إضافية بقيمة 3 آلاف دولار. بعد جمع هذه المؤن، قام "هو" وأصدقاؤه بقيادة شاحنة محملة بالمواد الغذائية والإغاثية إلى مقاطعة رونغجيانغ المتضررة من الفيضانات في مقاطعة قويتشو. عند وصولهم، قاموا بتسليم المواد إلى هيئة الإغاثة المحلية من الكوارث، لضمان وصولها إلى المحتاجين في أسرع وقت ممكن. اللافت في الأمر، أن هذا التبرع السخي لم يترك لـ "هو" سوى 0.5 يوان في حسابه المصرفي، مما يعكس مدى إيمانه بقيمة العطاء والتضحية من أجل الآخرين.

 

"العملاق الراكع": رمز الإصرار والعطاء

"هو لي"، المنحدر من عائلة فقيرة في منطقة نينغشيا هوي ذاتية الحكم شمال غرب الصين، معروف ومُعجب به من قبل الكثيرين باسم "العملاق الراكع"، وذلك بسبب تفانيه في العمل الخيري على الرغم من حالته الصحية الصعبة. هذا اللقب، الذي أطلقه عليه محبوه، يعكس قوة إرادته وإصراره على التغلب على الصعاب، وعلى تقديم المساعدة للآخرين بغض النظر عن ظروفه الشخصية. "هو" مثال حي على أن الإعاقة الجسدية ليست عائقًا أمام تحقيق الإنجازات وتقديم الخير للمجتمع. إنه يُجسد قيم الإنسانية والتضامن، ويُظهر أن العطاء الحقيقي ينبع من القلب، وليس من الجيب.

 

رحلة عطاء مستمرة

يكسب "هو لي" رزقه من جمع الأشياء القابلة لإعادة التدوير وبيع منتجات الحرف اليدوية في كشك بسيط بالشارع. على الرغم من دخله الضئيل، إلا أنه لم يتردد في التبرع بمليون يوان، أو ما يعادل 140 ألف دولار أمريكي، لمساعدة 500 طالب فقير بين عامي 2008 و2023. هذا المبلغ الكبير، الذي جمعه "هو" على مر السنين من عمله الشاق وتبرعات الآخرين، ساهم في تغيير حياة العديد من الطلاب المحتاجين، ومكنهم من الحصول على التعليم وتحقيق أحلامهم. جزء من دخل "هو" يأتي أيضًا من البث المباشر على وسائل التواصل الاجتماعي، والإعانات الحكومية لذوي الاحتياجات الخاصة، ولكنه يحرص دائمًا على تخصيص جزء كبير من دخله للأعمال الخيرية ومساعدة المحتاجين.

 

تأثير الفيضانات في مقاطعة رونغجيانغ

شهدت مقاطعة رونغجيانغ فيضانات عارمة في الفترة من 21 إلى 24 يونيو، مما أدى إلى تضرر أكثر من 100 ألف ساكن، وإجلاء 50 ألف شخص من منازلهم. غمرت مياه الفيضانات الطرق والمراكز التجارية، مما أدى إلى تعطيل الحياة اليومية وتسبب في خسائر مادية كبيرة. تأتي مبادرة "هو لي" في وقت حرج، حيث تساهم في تخفيف معاناة المتضررين وتوفير الاحتياجات الأساسية لهم. تبرعه السخي يمثل رسالة أمل وتضامن للمتضررين، ويؤكد أن المجتمع الصيني يقف صفًا واحدًا في مواجهة الكوارث الطبيعية.