قال الدكتور محمد الزغول، مدير وحدة الدراسات الإيرانية بمركز الإمارات، في مداخلة حصرية لقناة إكسترا نيوز، إن إيران تمر بمرحلة حرجة تتطلب تقييمًا دقيقًا للأضرار التي لحقت ببرنامجها النووي، خاصةً في الجزء المتعلق بالتخصيب. وأشار الزغول إلى أن طهران ستسعى خلال هذه الفترة إلى تعليق مؤقت للتعامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ويعزو هذا القرار إلى رغبة إيران في التحكم الكامل في عملية تقييم الأضرار، بعيدًا عن تدخل الوكالة التي قد تنقل تقاريرها إلى جهات خارجية، على حد تعبيره. هذا التوجه الإيراني يعكس قلقًا عميقًا بشأن الكشف عن حجم الضرر الفعلي الذي أصاب البرنامج النووي، واحتمالية استغلال هذه المعلومات من قبل خصومها.

 

الغموض الاستراتيجي الإيراني في ظل التهديدات

وأوضح الزغول أن اختيار الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل للتعامل مع البرنامج النووي الإيراني عبر الخيار العسكري دفع إيران إلى تبني استراتيجية الغموض المؤقت. وترى طهران أن هذا الغموض ضروري لتقييم الأضرار بشكل مستقل، قبل أن تخضع ما تبقى من برنامجها النووي للرقابة الدولية، إذا كان هناك ما تبقى لإخضاعه. هذا التكتيك الإيراني يهدف إلى إرسال رسالة مفادها أن أي محاولة لتقويض برنامجها النووي ستواجه برد فعل غير متوقع، مع الحفاظ على هامش من المناورة السياسية والدبلوماسية. كما يهدف إلى إرباك خصومها وإجبارهم على إعادة تقييم استراتيجياتهم تجاه إيران.

 

ترامب والمنافسة الداخلية الأمريكية

وحذر الزغول من قراءة تصريحات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب حول فاعلية الضربة على إيران خارج سياق المنافسة السياسية الداخلية في الولايات المتحدة. وأشار إلى أن انتقادات ترامب لوسائل الإعلام التي تقلل من شأن الضربة تهدف إلى تعزيز صورته كقائد قوي وحازم، وليس بالضرورة تعكس تقييمًا واقعيًا للأضرار التي لحقت بالبرنامج النووي الإيراني. هذا التحليل يسلط الضوء على أهمية فهم الدوافع السياسية الكامنة وراء التصريحات الرسمية، وعدم الاعتماد عليها بشكل كامل في تقييم الوضع على الأرض.

 

تداعيات تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية

إن قرار إيران المحتمل بتعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية يثير تساؤلات جدية حول مستقبل البرنامج النووي الإيراني، وعن مدى التزام طهران بالاتفاقيات الدولية. هذا التعليق، حتى لو كان مؤقتًا، قد يؤدي إلى زيادة التوترات الإقليمية والدولية، ويفتح الباب أمام مزيد من التصعيد. كما أنه قد يشجع دولًا أخرى في المنطقة على السعي لامتلاك القدرات النووية، مما يهدد الأمن والاستقرار الإقليمي. المجتمع الدولي مطالب بالتحرك بحذر ودبلوماسية لاحتواء هذا الوضع، وإقناع إيران بالعودة إلى طاولة المفاوضات.

 

مستقبل البرنامج النووي الإيراني في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية

إن مستقبل البرنامج النووي الإيراني يتوقف على عدة عوامل، بما في ذلك نتائج تقييم الأضرار، وقرار طهران بشأن التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وموقف الإدارة الأمريكية الجديدة، والتطورات الإقليمية. من الضروري أن تتخذ جميع الأطراف المعنية خطوات جادة لتهدئة التوترات، والعودة إلى المسار الدبلوماسي، وتجنب أي تصعيد عسكري. الحل الدائم للأزمة النووية الإيرانية يكمن في التوصل إلى اتفاق شامل ومستدام يضمن سلمية البرنامج النووي الإيراني، ويحقق الأمن والاستقرار في المنطقة.