جددت مصر، من خلال بعثتها الدائمة لدى الأمم المتحدة، موقفها الرافض لاستمرار العمل بآلية حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وأكدت مصر أن هذا الامتياز، الذي تتمتع به الدول الخمس دائمة العضوية، لم يعد متوافقًا مع التحديات والمتغيرات التي يشهدها القرن الحادي والعشرين، ويعيق بشكل كبير قدرة المجلس على الاضطلاع بمسؤولياته الأساسية في حفظ السلم والأمن الدوليين. وترى مصر أن استمرار العمل بالفيتو يشكل عائقًا أمام تحقيق العدالة الدولية ويؤدي إلى تعطيل القرارات المصيرية التي تتطلبها الأزمات العالمية المتفاقمة.
تعتبر مصر أن حق النقض يمثل إرثًا من حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث تم تصميمه في سياق جيوسياسي مختلف تمامًا عما نشهده اليوم. ففي ذلك الوقت، كان الهدف هو الحفاظ على توازن القوى بين الدول الكبرى ومنع نشوب حرب عالمية أخرى. ومع ذلك، فإن استمرار العمل بهذا النظام في القرن الحادي والعشرين، حيث تعددت الأقطاب وتغيرت طبيعة التهديدات التي تواجه العالم، أصبح يثير تساؤلات جدية حول مدى فعاليته وعدالته.
فالعديد من الدول، بما في ذلك مصر، ترى أن الفيتو يسمح للدول الدائمة العضوية بفرض مصالحها الخاصة على حساب المصالح الجماعية للمجتمع الدولي، مما يقوض شرعية قرارات مجلس الأمن ويضعف قدرته على الاستجابة الفعالة للأزمات.
إن انتقاد مصر لاستخدام حق النقض يأتي في سياق أوسع من الدعوات المتزايدة لإصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. فالعديد من الدول الأعضاء ترى أن المجلس بحاجة إلى إصلاحات هيكلية ووظيفية شاملة لكي يتمكن من مواكبة التحديات المعاصرة.
وتشمل هذه الإصلاحات توسيع عضوية المجلس، وزيادة تمثيل الدول النامية، وتحسين آليات عمله، وتقييد استخدام الفيتو. وتؤكد مصر على ضرورة إجراء حوار جاد وبناء بين الدول الأعضاء للتوصل إلى توافق حول هذه الإصلاحات، بما يضمن تعزيز فعالية المجلس وعدالته وشرعيته. إن إصلاح مجلس الأمن ليس مجرد مسألة تقنية، بل هو ضرورة حتمية لضمان قدرة الأمم المتحدة على القيام بدورها المحوري في حفظ السلم والأمن الدوليين وتعزيز التنمية المستدامة.
بالإضافة إلى ذلك، ترى مصر أن استخدام الفيتو في حالات تتعلق بجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان. ففي هذه الحالات، يجب أن تكون حماية المدنيين ومنع وقوع المزيد من الفظائع هي الأولوية القصوى، ولا يجوز لأي دولة أن تستخدم الفيتو لعرقلة جهود مجلس الأمن في هذا الصدد. وتدعو مصر إلى تبني مدونة سلوك للدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن تحد من استخدام الفيتو في هذه الحالات، وتضمن عدم إفلات مرتكبي هذه الجرائم من العقاب.
إن محاسبة المسؤولين عن ارتكاب الجرائم الدولية الخطيرة هي شرط أساسي لتحقيق العدالة والمصالحة ومنع تكرار هذه الجرائم في المستقبل.
ختامًا، تجدد مصر التأكيد على التزامها بالعمل مع جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة من أجل تحقيق إصلاح شامل لمجلس الأمن، بما في ذلك تقييد استخدام حق النقض.
وتؤمن مصر بأن تحقيق هذا الهدف يتطلب إرادة سياسية قوية وتعاونًا صادقًا بين جميع الأطراف المعنية. فالأمم المتحدة هي المنظمة الدولية الوحيدة التي تتمتع بالشرعية العالمية والقدرة على معالجة التحديات التي تواجه الإنسانية. ولذلك، يجب علينا جميعًا أن نعمل معًا لتعزيز فعاليتها وقدرتها على القيام بدورها المحوري في بناء عالم أكثر سلمًا وعدلاً وازدهارًا.