هل شعرت يومًا بحرقة في فم المعدة أو ألم في الصدر وتجاهلت الأمر معتقدًا أنه مجرد ارتجاع أو حموضة؟ قد يكون هذا خطأً جسيمًا. يحذر الدكتور إيهاب عبد الرازق، أستاذ جراحات القلب المفتوح والشريان الأورطي بكلية طب عين شمس، من التشابه المضلل بين أعراض القصور التاجي وبعض المشاكل المعوية. هذا التشابه قد يؤدي إلى تأخر التشخيص الصحيح وتلقي العلاج المناسب، مما يعرض حياة المريض للخطر. فكثيرًا ما يتناول المرضى وحتى بعض الأطباء أدوية معوية لعلاج أعراض قد تكون في الواقع إنذارًا مبكرًا لمشاكل في القلب. الأعراض الأولية التي قد تتخذ شكل حرقة في فم المعدة، ألم في الصدر، اضطراب في الشهية، غثيان، أو حتى قيء، غالبًا ما تُفسر على أنها مشاكل بسيطة في الجهاز الهضمي، مما يؤخر التوجه إلى الطبيب المختص وإجراء الفحوصات اللازمة.

 

الأعراض المضللة: كيف يخدعك القلب؟

يكمن الخطر في أن الشريان التاجي الأيمن، عندما يتعرض للضيق أو القصور، قد يؤثر على المنطقة السفلية من عضلة القلب، وهي منطقة قريبة تشريحيًا من المعدة. هذا القرب التشريحي يؤدي إلى تداخل عصبي بين القلب والجهاز الهضمي، مما ينتج أعراضًا غير متوقعة ومضللة. من بين هذه الأعراض: وجع مفاجئ في فم المعدة، شعور حارق في منتصف الصدر، تعرق مفاجئ دون مجهود، إحساس عام بالهبوط أو الضعف، غثيان أو قيء دون سبب واضح، وألم ينتقل إلى الفك أو الكتف الأيسر. هذه الأعراض، على الرغم من أنها تبدو وكأنها مشاكل في المعدة، إلا أنها قد تكون علامة على وجود مشكلة خطيرة في القلب. التفسير الخاطئ لهذه الأعراض قد يدفع الشخص إلى تناول أدوية للحموضة أو المعدة، بينما القلب يواجه انسدادًا جزئيًا يوشك أن يتحول إلى نوبة قلبية، مما يؤدي إلى تأخير العلاج الضروري وزيادة خطر حدوث مضاعفات خطيرة.

 

التشخيص السليم: مفتاح النجاة

يؤكد الدكتور إيهاب عبد الرازق أن أي ألم في منطقة المعدة أو الصدر لا يستجيب للعلاجات التقليدية أو يتكرر دون سبب واضح، يجب أن يُعامل كعرض قلبي محتمل. خاصةً إذا رافقته أعراض إضافية مثل العرق، والهبوط، أو ضيق التنفس. في هذه الحالة، التصرف الصحيح هو الذهاب فورًا إلى المستشفى، حيث يُجري الفريق الطبي تقييمًا دقيقًا يشمل رسم القلب، وإن لزم الأمر، قسطرة قلبية طارئة لفتح الشريان المتأثر. التشخيص السليم والسريع هو المفتاح لتجنب المضاعفات الخطيرة وإنقاذ حياة المريض. لا تتردد في طلب المساعدة الطبية إذا كنت تعاني من أعراض غير معتادة في منطقة الصدر أو المعدة، خاصةً إذا كانت مصحوبة بأعراض أخرى مثل التعرق أو ضيق التنفس.

 

الحالات البسيطة والعلاج

لحسن الحظ، ليست كل الحالات تتطلب تدخلًا عاجلًا. في بعض الحالات البسيطة، قد يكتفي الطبيب بوصف أدوية لتوسيع الشرايين وتحسين تدفق الدم، وذلك بعد التأكد من درجة القصور وحدته. ومع ذلك، حتى في هذه الحالات، من الضروري المتابعة المنتظمة مع الطبيب وإجراء الفحوصات الدورية للتأكد من استقرار الحالة وعدم تطورها. يجب على المريض الالتزام بتعليمات الطبيب وتناول الأدوية الموصوفة بانتظام، بالإضافة إلى اتباع نمط حياة صحي يشمل نظام غذائي متوازن وممارسة الرياضة بانتظام وتجنب التدخين والكحول. هذه الإجراءات تساعد على تحسين صحة القلب وتقليل خطر حدوث مضاعفات.

 

رسالة هامة: لا تستهين بالألم

وينصح الدكتور إيهاب بألا يستهين الشخص بألم يبدو هضميًا، فقد يكون في أساسه قلبيا. مع تكرار هذه الحالات، لابد من ذكر كل الأعراض التي يعانيها الشخص والتي تترافق مع ألم المعدة للطبيب، وعدم تجاهلها. تذكر دائمًا أن الوقاية خير من العلاج، وأن الكشف المبكر عن مشاكل القلب يمكن أن ينقذ حياتك. لا تتردد في استشارة الطبيب إذا كنت تشعر بأي أعراض غير معتادة في منطقة الصدر أو المعدة، ولا تعتمد على التشخيص الذاتي أو العلاجات المنزلية. صحة قلبك تستحق الاهتمام والرعاية.