الأربعاء، 02 يوليو 2025 12:45 م - رفضت الحكومة المصرية مقترحات نيابية بحذف المادة الثانية من مشروع قانون الإيجار القديم، خلال الجلسة العامة لمجلس النواب المنعقدة برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي. هذه المادة، التي تُعدّ جوهر الخلاف، تنص على إنهاء العلاقة الإيجارية بعد سبع سنوات في العقود السكنية وخمس سنوات في العقود غير السكنية. يأتي هذا الرفض في ظل اعتراضات واسعة من قبل بعض النواب الذين يرون أن هذه المادة تهدد الاستقرار الاجتماعي وتأتي في وقت غير مناسب، خاصة مع عدم وجود بدائل واضحة ومتاحة للفئات المتضررة من هذا القانون. المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون القانونية والنيابية والتواصل السياسي، أكد على أهمية المادة الثانية باعتبارها الركيزة الأساسية لفلسفة مشروع القانون.

 

وقد تقدم عدد من النواب، من بينهم عاطف المغاوري، سناء السعيد، وعبد العليم داوود، بتعديلات تهدف إلى حذف المادة الثانية من مشروع القانون. هؤلاء النواب عبروا عن قلقهم بشأن الآثار الاجتماعية والاقتصادية المحتملة لهذا القانون، مشيرين إلى أن الحكومة لم تقدم بيانات دقيقة أو حلول بديلة للفئات التي ستتأثر بشكل مباشر بإنهاء عقود الإيجار القديمة. يرى المعترضون أن تطبيق هذه المادة قد يؤدي إلى أزمة سكنية حادة وزيادة الضغوط على المواطنين، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة. كما أنهم يطالبون بتأجيل تطبيق القانون أو إيجاد حلول توافقية تضمن حقوق المستأجرين والملاك على حد سواء. الجدل الدائر حول هذه المادة يعكس التحديات الكبيرة التي تواجه الحكومة في معالجة ملف الإيجار القديم، الذي يعتبر من الملفات الشائكة والمعقدة في مصر.

 

في المقابل، تمسكت الحكومة بالمادة الثانية، معتبرة أنها ضرورية لإعادة العلاقة الإيجارية إلى "أصلها العام" بعد فترات طويلة من الصيغ الاستثنائية التي حكمت هذه العلاقة. المستشار فوزي أوضح أن الحكومة تهدف إلى تصحيح الوضع القائم وإعادة التوازن إلى سوق الإيجار، مؤكداً أن المادة الثانية تعبر عن هذا التوجه. وأضاف أن الحكومة منحت مهلة زمنية كافية للتمييز بين الإيجار السكني وغير السكني، مع التزام الدولة بتوفير بدائل آمنة في حالة السكن. وشدد على أن فلسفة القانون تستند إلى الالتزام بحكم المحكمة الدستورية العليا، الذي يوجه نحو تحرير العلاقة الإيجارية. الحكومة ترى أن تطبيق المادة الثانية سيساهم في تنشيط سوق العقارات وتشجيع الاستثمار في هذا القطاع، مما يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني.

 

وتنص المادة الثانية من مشروع القانون على أن تنتهي عقود إيجار الأماكن الخاضعة لأحكام هذا القانون لغرض السكنى بانتهاء مدة سبع سنوات من تاريخ العمل به، وتنتهي عقود إيجار الأماكن للأشخاص الطبيعيين لغير غرض السكنى بانتهاء مدة خمس سنوات من تاريخ العمل به، وذلك كله ما لم يتم التراضي على الإنهاء قبل ذلك. هذا النص يوضح بشكل قاطع أن الحكومة مصممة على إنهاء العمل بنظام الإيجار القديم تدريجياً، مع منح المستأجرين فترة انتقالية للتكيف مع الوضع الجديد. الأثر المتوقع لهذه المادة يثير مخاوف وقلق الكثيرين، خاصة من كبار السن وذوي الدخل المحدود الذين يعتمدون على الإيجار القديم كشكل من أشكال السكن المستقر والميسر. الحكومة تواجه تحدياً كبيراً في طمأنة هؤلاء المواطنين وتوفير بدائل مناسبة لهم قبل تطبيق القانون بشكل كامل.

 

خلاصة القول، أن رفض الحكومة لحذف المادة الثانية من مشروع قانون الإيجار القديم يشير إلى تصميمها على المضي قدماً في إصلاح نظام الإيجار في مصر، على الرغم من الاعتراضات والانتقادات التي تواجهها. المستقبل القريب سيشهد مزيداً من النقاشات والمفاوضات بين الحكومة ومجلس النواب للوصول إلى صيغة نهائية للقانون تحظى بتوافق أوسع. من المهم أن تأخذ الحكومة في الاعتبار مخاوف المواطنين المتضررين وأن تعمل على توفير حلول بديلة تضمن حقوقهم وتقلل من الآثار السلبية المحتملة لتطبيق القانون. يبقى السؤال المطروح: هل ستنجح الحكومة في تحقيق التوازن بين مصالح الملاك والمستأجرين في هذا الملف الشائك؟ وهل ستتمكن من تهدئة المخاوف الاجتماعية والاقتصادية التي تثيرها هذه القضية؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة.