أكد إيهاب واصف، رئيس شعبة الذهب والمعادن الثمينة باتحاد الصناعات، أن أسعار الذهب في السوق المصري قد أنهت تداولات الأسبوع الماضي على تراجع ملحوظ للأسبوع الثاني على التوالي. يعزى هذا التراجع إلى عدة عوامل، من بينها الضغط الناتج عن التراجع المستمر في سعر أونصة الذهب عالميًا، بالإضافة إلى انحسار المخاوف الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، مما أدى إلى انخفاض الطلب على الملاذات الآمنة. هذا الانخفاض يعكس تحولاً في توجهات المستثمرين وتراجع الإقبال على الذهب كمخزن للقيمة في ظل استقرار الأوضاع الجيوسياسية والاقتصادية بشكل نسبي. كما أشار واصف إلى أن السوق المحلي يتأثر بشكل مباشر بالاتجاهات العالمية، وأن انخفاض سعر الذهب عالميًا، نتيجة تراجع الطلب الاستثماري وعمليات جني الأرباح، ساهم في تراجع السعر المحلي، خاصة مع انخفاض سعر صرف الدولار مقابل الجنيه خلال نفس الفترة، مما دعم تسعير الذهب المحلي نحو مزيد من الهبوط.
تأثير سعر الأونصة وتحسن الجنيه المصري
وفقًا للتقرير الأسبوعي لشعبة الذهب والمعادن الثمينة، انخفض سعر الذهب عيار 21 - وهو الأكثر تداولًا في السوق المحلي - بنسبة 3.2% خلال الأسبوع، ليغلق عند مستوى 4620 جنيهًا للجرام، بعدما بدأ تداولاته عند 4780 جنيهًا، أي بانخفاض حوالي 160 جنيهًا. هذا الانخفاض تزامن مع انخفاض الأونصة دون 3300 دولار، بالإضافة إلى تحسن ملحوظ في قيمة الجنيه المصري. هذا التحسن في قيمة العملة المحلية قلل من تكلفة استيراد الذهب، مما أدى إلى مزيد من الضغط على الأسعار المحلية. إن العلاقة العكسية بين سعر صرف الدولار وأسعار الذهب المحلية تظهر بوضوح في هذه الفترة، حيث أن أي تحسن في قيمة الجنيه يؤدي بشكل مباشر إلى انخفاض أسعار الذهب.
تقلبات سعر صرف الدولار وتأثيرها
أشار رئيس الشعبة إلى أن تقلبات سعر صرف الدولار في البنوك الرسمية ساهمت بدورها في تهدئة أسعار الذهب، إذ سجل الدولار تراجعًا في ختام الأسبوع، بالتزامن مع تراجع الأونصة عالميًا، مما وفّر بيئة ضغط مزدوجة على حركة الأسعار المحلية. هذا يعني أن السوق المحلي شهد تأثيرًا مزدوجًا من العوامل الخارجية والداخلية، مما أدى إلى انخفاض الأسعار بشكل ملحوظ. بالإضافة إلى ذلك، لفت واصف إلى أن إعلان البنك المركزي المصري عن ارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج بنسبة 39% خلال أبريل على أساس سنوي لتصل إلى 3 مليارات دولار، مقارنة بـ2.2 مليار دولار في أبريل من العام الماضي، يُعد مؤشرًا إيجابيًا لتحسن تدفقات النقد الأجنبي. هذه الزيادة في التحويلات تعزز من استقرار سعر الصرف وتؤثر بالتبعية على أسعار الذهب.
تحويلات المصريين من الخارج وتأثيرها على استقرار السوق
كما أشار إلى أن تحويلات المصريين من الخارج خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام سجلت نموًا بنسبة 72.3% مقارنة بالفترة نفسها من 2024، وهو ما يعزز من استقرار سعر الصرف ويؤثر بالتبعية على أسعار الذهب. هذا النمو الكبير في التحويلات يعكس ثقة المصريين العاملين بالخارج في الاقتصاد المحلي، ويساهم في توفير سيولة دولارية إضافية تدعم استقرار العملة المحلية. بالإضافة إلى ذلك، أشار واصف إلى أن وقف إطلاق النار بين إيران والكيان الصهيوني ساهم في تهدئة المخاوف السياسية ودفع البورصة المصرية نحو مكاسب جماعية في مؤشراتها الرئيسية، مما دفع بعض السيولة إلى التوجه نحو الأسهم على حساب الذهب كأداة للتحوط، وهو ما يساهم كذلك - بشكل غير مباشر - في تقليص الطلب الاستثماري على الذهب.
توقعات سعر الذهب على الصعيدين العالمي والمحلي
على الصعيد العالمي، أشار واصف إلى أن أسعار الذهب واصلت الهبوط للأسبوع الثاني على التوالي، في ظل تزايد عمليات البيع لجني الأرباح وتراجع الاهتمام بالمعدن كملاذ آمن، خاصة بعد تطورات إيجابية في الملف التجاري بين الولايات المتحدة والصين، واستمرار تراجع التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط. وقد وسّعت أسعار الذهب من خسائرها لتكسر مستوى 3285 دولارًا للأونصة، وهو مستوى دعم رئيسي يمثل تقاطعًا مع خط اتجاه صاعد متوسط الأجل ومتوسط الحركة لـ50 يومًا، ما يُنذر بمزيد من الضغط السلبي على المعدن الأصفر خلال الفترة المقبلة. أما محليًا، فرغم الهبوط، أشار واصف إلى أن الذهب عيار 21 يحاول التماسك أعلى مستوى 4600 جنيه للجرام، بعد أن تراجع من مستويات كانت تقترب من 4900 جنيه. وأوضح أن السوق يسعى لتكوين قاعدة سعرية جديدة عند هذه المستويات لتجميع زخم تداولي قد يحدد الاتجاه المقبل للأسعار. بشكل عام، يبدو أن السوق يمر بمرحلة تصحيحية بعد فترة من الارتفاعات القياسية، وأن المستثمرين يترقبون تطورات الأوضاع الاقتصادية والجيوسياسية لتحديد توجهاتهم المستقبلية.