دعاء الجمعة الأولى في السنة الهجرية الجديدة 1447 هـ

استقبال العام الجديد بالدعاء والتضرع

مع إشراقة فجر الجمعة الأولى من العام الهجري الجديد 1447 هـ، يتوجه المسلمون بقلوب خاشعة إلى الله تعالى، راجين رحمته وفضله، ومتضرعين إليه بالدعاء أن يجعل هذا العام عام خير وبركة، عام نصر وعزة للإسلام والمسلمين. إن الدعاء هو سلاح المؤمن، وسبيل نجاته، وهو الصلة الوثيقة التي تربط العبد بربه. ففي هذه الجمعة المباركة، نغتنم هذه الفرصة العظيمة لرفع أكف الضراعة إلى المولى عز وجل، سائلين إياه أن يغفر لنا ذنوبنا، وأن يستر عيوبنا، وأن يوفقنا لما يحب ويرضى. نستقبل العام الجديد بصفحة بيضاء، عازمين على التوبة النصوحة، والعمل الصالح، والسعي في مرضات الله. فلنجعل هذه الجمعة بداية لانطلاقة جديدة نحو الأفضل، نحو مستقبل مشرق بالإيمان والأمل.

أهمية الدعاء في بداية العام الهجري

إن للدعاء في بداية العام الهجري أهمية عظيمة، فهو تعبير عن التوكل على الله، والاعتماد عليه في كل الأمور. فالمسلم يعلم أن الأمر كله بيد الله، وأن الخير والشر، والنفع والضر، كلها من عنده. لذلك، يتوجه إليه بالدعاء، سائلاً إياه أن ييسر له أموره، وأن يوفقه في حياته، وأن يحفظه من كل سوء. كما أن الدعاء في بداية العام الهجري هو فرصة للتوبة والاستغفار، ومراجعة النفس، وتقويم المسار. فالمسلم يتذكر ما مضى من حياته، وما ارتكب من أخطاء، فيستغفر الله ويتوب إليه، ويعزم على عدم العودة إلى الذنوب والمعاصي. كما أنه يضع خطة جديدة لحياته، يحدد فيها أهدافه، ويسعى لتحقيقها، مستعيناً بالله، ومتوكلاً عليه. فالدعاء هو مفتاح الخير، وباب السعادة، وهو سبب لتفريج الهموم، وتيسير الأمور، وتحقيق الأمنيات.

أدعية مستحبة في الجمعة الأولى من محرم

لا يوجد دعاء محدد وثابت مأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن الصحابة الكرام مخصص للجمعة الأولى من شهر محرم أو بداية العام الهجري. ولكن، يمكن للمسلم أن يدعو بما شاء من الأدعية التي فيها خير الدنيا والآخرة. ومن الأدعية المستحبة في هذا اليوم: "اللهم إني أسألك خير هذا العام، وخير ما فيه، وأعوذ بك من شر هذا العام، وشر ما فيه". ويمكن أيضاً الدعاء بالصحة والعافية، والرزق الحلال، والتوفيق في العمل، وصلاح الذرية، وحسن الخاتمة. كما يمكن الدعاء للأهل والأحباب، وللمسلمين جميعاً، بأن يفرج الله همومهم، وأن ينصرهم على أعدائهم، وأن يوحد كلمتهم، وأن يجمعهم على الحق. الأهم هو الإخلاص في الدعاء، واليقين بالإجابة، وحضور القلب، والتضرع إلى الله تعالى.

فضل شهر محرم وأهمية استغلاله

شهر محرم هو أول شهور السنة الهجرية، وهو من الأشهر الحرم التي عظمها الله تعالى في كتابه الكريم. قال تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة: 36]. والأشهر الحرم هي: ذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم، ورجب. وقد ورد في فضل شهر محرم أحاديث كثيرة، منها قوله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم". ففي هذا الشهر الفضيل، يستحب الإكثار من الأعمال الصالحة، كالصدقة، والصيام، وقراءة القرآن، وصلة الأرحام، والدعاء، والاستغفار. كما يستحب تجنب المعاصي والذنوب، والبعد عن الفتن والشبهات. فلنستغل هذا الشهر الكريم في التقرب إلى الله تعالى، وزيادة رصيدنا من الحسنات، وتطهير قلوبنا من الأدران.

التأمل في الهجرة النبوية الشريفة

إن بداية العام الهجري تذكرنا بالهجرة النبوية الشريفة، وهي حدث عظيم في تاريخ الإسلام. ففي هذا الحدث الجلل، ترك النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ديارهم وأموالهم وأهليهم، وهاجروا إلى المدينة المنورة، لنصرة دين الله، وإعلاء كلمته. فالهجرة هي رمز للتضحية والفداء، والإيثار والتعاون، والصبر والثبات. ففي هذه المناسبة العظيمة، نتذكر تضحيات الصحابة الكرام، وجهودهم المباركة في نشر الإسلام، والدفاع عنه. ونتعلم من الهجرة النبوية الشريفة دروساً عظيمة في الإيمان والتوكل، والثقة بالله، والعمل الجاد، والسعي الدؤوب. فلنجعل الهجرة النبوية الشريفة نبراساً يضيء لنا طريقنا، وقدوة حسنة نقتدي بها في حياتنا. فلنتأمل في معاني الهجرة، ونتدبر في عظمتها، ونسعى لتطبيقها في واقعنا، بالهجرة من المعاصي إلى الطاعات، ومن السيئات إلى الحسنات، ومن الظلمات إلى النور.