لا يزال قانون الإيجار القديم يمثل قضية شائكة تؤرق المجتمع المصري، حيث تتصاعد حدة الخلافات بين الملاك والمستأجرين، وتزداد المطالبات بإيجاد حلول عادلة ومنصفة لكلا الطرفين. هذه القضية، التي تعود جذورها إلى عقود مضت، أصبحت تشكل عبئاً اقتصادياً واجتماعياً، وتعيق التنمية العمرانية، وتؤثر سلباً على حقوق الملكية. مصطفى بكري، أحد الشخصيات البرلمانية البارزة، أكد مؤخراً على ضرورة تدخل الدولة لإيجاد حلول جذرية لهذه الأزمة، مشدداً على أهمية الحفاظ على حقوق كل من الملاك والمستأجرين، ووضع آليات واضحة لتنظيم العلاقة الإيجارية بشكل يضمن الاستقرار والعدالة.

الإيجار القديم في مصر: مصطفى بكري يطالب بتدخل عاجل لحل النزاعات

يعاني الملاك، بموجب قانون الإيجار القديم، من تدني القيمة الإيجارية للعقارات المؤجرة، حيث لا تتناسب هذه القيمة مع القيمة السوقية الحالية، مما يحرمهم من الاستفادة العادلة من ممتلكاتهم. هذا الوضع يؤدي إلى تدهور حالة العقارات، حيث يعجز الملاك عن إجراء أعمال الصيانة اللازمة بسبب ضعف العائد المادي، مما يؤثر سلباً على المظهر العام للمدن والأحياء. بالإضافة إلى ذلك، يواجه الملاك صعوبات كبيرة في استعادة عقاراتهم المؤجرة، حتى في الحالات التي يكون فيها المستأجر قد أخل بشروط العقد، مما يزيد من شعورهم بالإحباط والظلم. إن استمرار العمل بقانون الإيجار القديم بهذا الشكل يمثل اعتداءً صريحاً على حقوق الملكية، ويتعارض مع مبادئ العدالة والإنصاف.

تحديات تواجه المستأجرين بموجب القانون القديم

على الرغم من أن قانون الإيجار القديم يوفر للمستأجرين حماية من الإخلاء التعسفي، إلا أنه يفرض عليهم في الوقت نفسه قيوداً تحد من قدرتهم على الاستفادة من العقارات المؤجرة. فالعديد من المستأجرين يعيشون في وحدات سكنية صغيرة ومتهالكة، ولا يستطيعون الانتقال إلى وحدات أفضل بسبب ارتفاع تكاليف الإيجار في السوق الحر. كما أن القانون القديم يحد من قدرة المستأجرين على إجراء تعديلات أو تحسينات في العقارات المؤجرة، مما يقلل من جودة حياتهم. بالإضافة إلى ذلك، يواجه المستأجرون صعوبات في توريث العقارات المؤجرة لأبنائهم، مما يخلق حالة من عدم اليقين بشأن مستقبلهم السكني. وبالتالي، فإن قانون الإيجار القديم، على الرغم من مزاياه الظاهرية، يفرض على المستأجرين تحديات كبيرة تحد من حريتهم وقدرتهم على تحقيق الاستقرار السكني.

مقترحات لحلول عادلة ومنصفة

تتعدد المقترحات المطروحة لإيجاد حلول عادلة ومنصفة لقضية الإيجار القديم، وتشمل هذه المقترحات: زيادة تدريجية في القيمة الإيجارية للعقارات المؤجرة، مع مراعاة الظروف الاقتصادية والاجتماعية للمستأجرين؛ إنشاء صندوق لدعم المستأجرين غير القادرين على تحمل الزيادات في الإيجار؛ تسهيل حصول الملاك على قروض ميسرة لإجراء أعمال الصيانة والتجديد في العقارات المؤجرة؛ وضع آليات واضحة لتسوية المنازعات بين الملاك والمستأجرين بشكل سريع وفعال؛ وتعديل قانون الإيجار القديم بما يضمن حقوق الطرفين ويحقق التوازن بينهما. إن الحوار والتفاوض بين جميع الأطراف المعنية، بمن فيهم الملاك والمستأجرون وممثلو الحكومة والمجتمع المدني، هو السبيل الأمثل للتوصل إلى حلول توافقية ترضي الجميع.

ضرورة التحرك العاجل لتجنب تفاقم الأزمة

إن استمرار تجاهل قضية الإيجار القديم سيؤدي إلى تفاقم الأزمة وتعميق الخلافات بين الملاك والمستأجرين، مما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على المجتمع والاقتصاد. لذلك، يجب على الدولة التحرك العاجل لإيجاد حلول جذرية لهذه القضية، من خلال إصدار تشريعات جديدة تنظم العلاقة الإيجارية بشكل عادل ومنصف، وتضمن حقوق جميع الأطراف المعنية. إن العدالة والإنصاف هما أساس الاستقرار الاجتماعي والتنمية المستدامة، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال معالجة القضايا العالقة بشكل شامل ومتكامل. يجب أن يكون الهدف الرئيسي من أي حل لقضية الإيجار القديم هو تحقيق التوازن بين حقوق الملكية وحقوق السكن، وضمان حصول جميع المواطنين على سكن لائق وآمن.