تعتبر ظاهرة تعدد الزوجات من المواضيع الاجتماعية التي تثير جدلاً واسعاً في المملكة العربية السعودية، حيث تتباين نسب انتشارها بين المناطق المختلفة. ففي حين تشهد بعض المناطق ارتفاعاً ملحوظاً في عدد الرجال المتزوجين بأكثر من امرأة، تكاد تختفي هذه الظاهرة في مناطق أخرى. يعزى هذا التباين إلى عوامل متعددة، منها التركيبة الاجتماعية الفريدة لكل منطقة، والعادات والتقاليد المتوارثة عبر الأجيال، بالإضافة إلى اختلاف قوة شخصية المرأة وتأثيرها في المجتمع المحلي. يهدف هذا التقرير إلى استعراض المناطق السعودية التي تشهد أعلى نسب تعدد الزوجات، وتلك التي تسجل أدنى المستويات، مع تحليل الأسباب الكامنة وراء هذا الاختلاف.

 

أكثر منطقة سعودية ينتشر فيها تعدد الزوجات

 

على الرغم من أن الشريعة الإسلامية وقانون الأحوال الشخصية في السعودية يجيزان تعدد الزوجات، إلا أن نسبة الأزواج المعددين تختلف بشكل كبير بين مناطق المملكة. وفقاً لإحصائية أعدها الدكتور إبراهيم الجعفري، الباحث في علم الوبائيات والإحصاء الحيوي، تتصدر منطقة الباحة قائمة المناطق السعودية من حيث انتشار تعدد الزوجات، تليها منطقة حائل. بينما سجلت المنطقة الشرقية أدنى نسبة في هذا الصدد. تشير الإحصائية التي نشرها الدكتور الجعفري عبر حسابه على منصة إكس (تويتر سابقاً)، إلى أن نسبة الرجال المتزوجين من أكثر من امرأة في منطقة الباحة تبلغ 14.2%، في حين تصل النسبة في حائل إلى 11.8%. أما في مكة المكرمة، فتبلغ نسبة المعددين 4.2%. وتأتي العاصمة الرياض في مرتبة متأخرة بنسبة 3.4%، بينما تسجل منطقة تبوك نسبة 1.3%. وفي المنطقة الشرقية، تنخفض النسبة بشكل ملحوظ لتصل إلى 0.3%، مما يجعلها الأقل انتشاراً لتعدد الزوجات في المملكة.

 

أعمار الرجال الذين يفضلون تعدد الزوجات في السعودية

 

تشير الإحصائيات الحديثة إلى أن الرجال الذين تتجاوز أعمارهم 30 عاماً هم الأكثر إقبالاً على تعدد الزوجات مقارنة بالرجال الأصغر سناً. وفقاً لأحدث الإحصائيات، فإن 70% من الرجال المتزوجين من أكثر من امرأة تتراوح أعمارهم بين 30 و 40 عاماً، وقد يزيد بعضهم عن 60 عاماً. يعكس هذا التوجه ربما رغبة هؤلاء الرجال في الاستقرار العاطفي وتكوين أسرة كبيرة، أو قد يعود إلى أسباب أخرى تتعلق بالظروف الاجتماعية والاقتصادية.

 

أسباب تعدد الزوجات في السعودية

 

يعزى انتشار ظاهرة تعدد الزوجات في بعض المناطق السعودية إلى عدة أسباب متداخلة. من بين هذه الأسباب: عدم قدرة الزوجة على تلبية احتياجات الزوج الجنسية والعاطفية، أو عدم وجود تفاهم بين الزوجين من الناحية الفكرية والثقافية والاجتماعية. كما أن عدم قدرة الزوجة على الإنجاب أو إصابتها بأمراض مزمنة قد يكون دافعاً للزوج للزواج بأخرى. بالإضافة إلى ذلك، تلعب بعض العادات والتقاليد دوراً في تشجيع التعدد، حيث تقوم بعض العائلات بالضغط على الأبناء للقيام بالتعدد كنوع من التباهي والفخر. وأخيراً، قد يكون وجود خلافات مستمرة بين الزوج والزوجة الأولى سبباً في اتخاذ قرار التعدد.

 

شروط تعدد الزوجات في الإسلام

 

تبيح الشريعة الإسلامية والمملكة العربية السعودية تعدد الزوجات، حيث يمكن للرجل الزواج من أربع نساء كحد أقصى، ولكن بشرط توافر عدد من الشروط الأساسية. أولاً، يجب على الزوج أن يقوم بالمساواة بين الزوجات في جميع الأمور الاقتصادية والاجتماعية، حتى لا تتعرض أي واحدة منهن للظلم أو الإجحاف. ثانياً، يجب أن يخبر الزوجة الأولى بنيته في الزواج بأخرى، وأن يترك لها حرية القبول أو الرفض. وأخيراً، يجب ألا يتجاوز عدد الزوجات أربعاً، كما ورد في الآية الكريمة: "فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ". إن الالتزام بهذه الشروط يضمن تحقيق العدل والمساواة بين الزوجات، ويحمي حقوقهن ويصون كرامتهن.