هيوستن - رويترز - شهدت أسواق النفط تقلبات حادة اليوم الاثنين، حيث تراجعت الأسعار بنحو 1% بعد أن كانت قد لامست أعلى مستوياتها في خمسة أشهر. يأتي هذا التذبذب في أعقاب القصف الجوي الأميركي على إيران مطلع الأسبوع، والذي أثار مخاوف بشأن تأثيره المحتمل على نقل النفط والغاز عبر مضيق هرمز الاستراتيجي. وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت إلى 76.31 دولار للبرميل، بينما تراجع خام غرب تكساس الوسيط إلى 73.09 دولار. وفي وقت سابق من الجلسة، سجل الخامان أعلى مستوياتهما منذ خمسة أشهر، حيث بلغ برنت 81.40 دولار وغرب تكساس الوسيط 78.40 دولار، قبل أن يعودا إلى التراجع خلال التداولات الأوروبية. يراقب المستثمرون عن كثب التطورات الجيوسياسية في المنطقة، مع التركيز بشكل خاص على أي تهديدات محتملة لإمدادات النفط العالمية.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن أنه "محا" المواقع النووية الإيرانية الرئيسية في الضربات التي نُفذت مطلع الأسبوع، مما زاد من حدة التوتر في المنطقة. وانضمت إسرائيل إلى الهجوم، مما أدى إلى تصعيد الصراع في الشرق الأوسط. وتوعدت طهران بالرد والدفاع عن نفسها، مما يزيد من حالة عدم اليقين في الأسواق. نفذت إسرائيل هجمات جديدة على إيران اليوم، استهدفت العاصمة طهران ومنشأة فوردو النووية، التي كانت قد استُهدفت أيضًا في الضربة الأميركية. هذه التطورات دفعت شركات الشحن إلى إعادة تقييم مساراتها وتأمين ناقلاتها، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف الشحن وزيادة المخاوف بشأن الإمدادات.
وتشير بيانات تتبع السفن إلى أن ناقلتي نفط عملاقتين على الأقل قد غيرتا اتجاههما قبل الوصول إلى مضيق هرمز بعد الضربات الأميركية، مما يعكس المخاوف المتزايدة بشأن سلامة الملاحة في المنطقة. يتدفق نحو خُمس إمدادات النفط العالمية عبر مضيق هرمز، مما يجعله نقطة عبور حيوية للاقتصاد العالمي. ومع ذلك، يرى بعض المحللين أن خطر الإغلاق الكامل للمضيق ضئيل، حيث أن مثل هذه الخطوة ستؤثر سلبًا على إيران نفسها، نظرًا لاعتمادها على صادرات النفط الخام إلى آسيا. ومع ذلك، تبقى الهجمات على السفن احتمالًا واردًا للغاية، مما يزيد من حالة القلق في الأسواق.
أعلنت شركة "نفط البصرة" العراقية الحكومية أن شركات النفط الكبرى العاملة في الحقول العراقية، مثل "إيني" و"بي.بي" و"توتال إنرجيز"، بدأت في إجلاء موظفيها الأجانب من مواقع الإنتاج في العراق، مما يشير إلى تزايد المخاوف الأمنية في المنطقة. وفي غضون ذلك، أعرب الرئيس ترامب عن رغبته في بقاء أسعار النفط منخفضة، وسط مخاوف من أن يؤدي القتال في الشرق الأوسط إلى ارتفاع مفاجئ. وحث وزارة الطاقة الأميركية على التنقيب عن النفط، قائلاً: "احفروا... أنا أعني (احفروا) الآن". ومع ذلك، يرى المستثمرون أن علاوة المخاطر الجيوسياسية لا تزال قائمة في أسواق النفط، نظرًا لأن الأزمة في الشرق الأوسط لم تؤثر بعد على الإمدادات حتى الآن بشكل ملموس.
يتوقع بنك "إتش.إس.بي.سي" أن ترتفع أسعار خام برنت فوق 80 دولارًا للبرميل، مع الأخذ في الاعتبار زيادة احتمال إغلاق مضيق هرمز، ولكنه رجّح تراجع الأسعار مجددًا إذا لم يتحقق هذا التهديد. ويرى محللون أن التصعيد الجيوسياسي الحالي يشكل محفزًا أساسيًا لارتفاع أسعار خام برنت، مع احتمالية الوصول إلى 100 دولار للبرميل، وربما 120 دولارًا للبرميل، في حال تفاقم الوضع. منذ أن بدأت إسرائيل هجماتها على إيران قبل أكثر من أسبوع، تعيش أسواق النفط العالمية حالة من الترقب والقلق، إذ ارتفعت العقود الآجلة، وقفزت أحجام التداول في خيارات النفط، كما ارتفعت أسعار الشحن، وتحوّلت منحنيات العقود الآجلة لتعكس التوترات بشأن نقص محتمل في الإمدادات على المدى القصير.
ويُنتج الشرق الأوسط ما يقرب من ثلث الإنتاج العالمي من النفط الخام، وأي ارتفاع مطوّل في الأسعار من شأنه أن يعزز الضغوط التضخمية عالميًا. يبقى مصير أسواق النفط مرهونًا بالتطورات السياسية والعسكرية في المنطقة، وقدرة الأطراف المعنية على احتواء الصراع وتجنب تصعيد أوسع.