أعلن البنك المركزي المصري اليوم الاثنين عن تحقيق تحويلات المصريين العاملين بالخارج أداءً استثنائياً خلال العشرة أشهر الأولى من السنة المالية 2024/2025 (الفترة من يوليو إلى إبريل). وكشفت البيانات عن قفزة تاريخية غير مسبوقة في حجم التحويلات، مما يعكس ثقة المصريين في الخارج في الاقتصاد الوطني، ونجاح جهود الحكومة في جذب هذه التحويلات عبر تسهيل الإجراءات وتقديم حوافز مشجعة.
هذا الارتفاع الكبير يمثل دعماً قوياً للاحتياطي النقدي الأجنبي، ويساهم في تخفيف الضغوط على سعر الصرف، وتعزيز قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها الخارجية.
الأرقام المعلنة تؤكد على أهمية الدور الذي يلعبه المصريون بالخارج في دعم الاقتصاد الوطني، وتؤكد على ضرورة الاستمرار في التواصل معهم وتقديم المزيد من التسهيلات لهم لتحفيزهم على زيادة حجم التحويلات.
تفاصيل الأرقام القياسية
وفقًا لبيانات البنك المركزي، ارتفعت تحويلات المصريين العاملين بالخارج بمعدل 77.1% خلال الفترة من يوليو إلى إبريل من السنة المالية 2024/2025، لتصل إلى نحو 29.4 مليار دولار، مقارنة بنحو 16.6 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام المالي السابق.
هذا الارتفاع الكبير يعكس تحسن الأوضاع الاقتصادية في بعض الدول التي يعمل بها المصريون، بالإضافة إلى استجابة المصريين بالخارج للحوافز التي قدمتها الحكومة المصرية لتشجيعهم على تحويل مدخراتهم إلى الوطن.
كما شهدت الفترة من يناير إلى إبريل 2024/2025 ارتفاعاً بمعدل 72.3% على أساس سنوي، لتصل إلى نحو 12.4 مليار دولار، مقارنة بنحو 7.2 مليار دولار.
هذه الزيادة الكبيرة في الربع الأخير من الفترة المذكورة تشير إلى استمرار الزخم الإيجابي في تحويلات المصريين بالخارج، وتؤكد على أن هذه التحويلات تمثل مصدراً هاماً للعملة الصعبة.
تحليل الأداء الشهري
على المستوى الشهري، سجلت تحويلات شهر إبريل 2025 ارتفاعاً ملحوظاً بمعدل 39.0% على أساس سنوي، لتصل إلى نحو 3.0 مليار دولار، مقارنة بنحو 2.2 مليار دولار في شهر إبريل من العام السابق. هذا الأداء القوي للشهر الأخير من الفترة المذكورة يعطي مؤشراً إيجابياً حول استمرار تدفق التحويلات بوتيرة قوية خلال الأشهر القادمة.
ويعزى هذا الارتفاع إلى عدة عوامل، منها تحسن الأوضاع الاقتصادية في بعض الدول التي يعمل بها المصريون، وتزايد ثقة المصريين في الخارج في الاقتصاد المصري، بالإضافة إلى جهود البنك المركزي المصري في تسهيل إجراءات التحويلات وتوفير قنوات آمنة وموثوقة لتحويل الأموال. هذه العوامل مجتمعة ساهمت في تحقيق هذه النتائج الإيجابية.
تأثير التحويلات على الاقتصاد المصري
إن الارتفاع الكبير في تحويلات المصريين بالخارج له تأثيرات إيجابية متعددة على الاقتصاد المصري. أولاً، يساهم هذا الارتفاع في زيادة المعروض من العملة الصعبة، مما يساعد على استقرار سعر الصرف وتخفيف الضغوط على الجنيه المصري. ثانياً، يدعم هذا الارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي، مما يعزز قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها الخارجية، مثل سداد الديون وتمويل الواردات.
ثالثاً، يساهم هذا الارتفاع في زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة، حيث يشجع المستثمرين الأجانب على الاستثمار في مصر عندما يرون أن هناك تدفقات قوية من العملة الصعبة.
رابعاً، يساهم هذا الارتفاع في تحسين الميزان التجاري، حيث يقلل من الاعتماد على الاقتراض الخارجي لتمويل الواردات.
وأخيراً، يساهم هذا الارتفاع في تحسين مستوى معيشة الأسر المصرية التي تعتمد على تحويلات أقاربها العاملين بالخارج.
توقعات مستقبلية
بالنظر إلى الأداء القوي لتحويلات المصريين بالخارج خلال الفترة الماضية، والتوقعات الإيجابية بشأن تحسن الأوضاع الاقتصادية العالمية، فمن المتوقع أن يستمر هذا الأداء القوي خلال الفترة القادمة.
ولكن، يجب على الحكومة المصرية والبنك المركزي المصري الاستمرار في بذل الجهود لتشجيع المصريين بالخارج على زيادة حجم التحويلات، من خلال تقديم المزيد من التسهيلات والحوافز، وتوفير قنوات آمنة وموثوقة لتحويل الأموال، والتواصل المستمر مع المصريين بالخارج لشرح أهمية دورهم في دعم الاقتصاد الوطني.
كما يجب على الحكومة المصرية العمل على تحسين مناخ الاستثمار في مصر، لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة، مما سيساهم في زيادة الطلب على العملة الصعبة، وبالتالي دعم سعر الصرف وتعزيز الاحتياطي النقدي الأجنبي.