أعلن إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، عن الإطلاق الفعلي لخدمة «الروبوتاكسي» في مدينة أوستن بولاية تكساس. وبعد ظهر الأحد، سيُتاح للركاب تجربة السيارة ذاتية القيادة مقابل رسم ثابت قدره 4.20 دولار للرحلة. خلال ساعات صباح الأحد، رصد مراسل رويترز سيارات «تسلا موديل Y» تجوب شوارع ساوث كونغرس، دون وجود سائق خلف المقود، بل راكب واحد فقط في المقعد الأمامي، في تجربة واقعية تعكس قرب تسلا من تحقيق وعدها الطويل الأمد بالوصول إلى قيادة ذاتية بالكامل. هذا الإطلاق يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق رؤية ماسك الطموحة للقيادة الذاتية، ولكنه يأتي مصحوبًا بتحديات قانونية وتقنية كبيرة يجب على الشركة التغلب عليها. فبعد سنوات من الوعود، تسعى تسلا الآن إلى ترجمة طموحاتها إلى واقع ملموس، خاصة مع اشتداد المنافسة في سوق السيارات ذاتية القيادة.
تسلا أمضت أكثر من عقد في الترويج لمستقبل «القيادة الذاتية الكاملة»، لكن حتى اليوم بقيت وعود ماسك معلقة. ومع تصاعد الضغوط من منافسين مثل «وايمو» التابعة لغوغل و «زوكس» التابعة لأمازون، تجد تسلا نفسها الآن مضطرة لتقديم نتائج على الأرض، خاصة أن جزءاً كبيراً من تقييمها السوقي الضخم مرتبط بقدرتها على قيادة ثورة الروبوتات والسيارات الذاتية. هذا الضغط المتزايد يدفع تسلا إلى تسريع وتيرة التطوير والاختبار، ولكن في الوقت نفسه، يجب على الشركة الحفاظ على أعلى معايير السلامة والجودة لتجنب أي حوادث أو مشاكل قد تؤثر على سمعتها وثقة المستهلكين. المنافسة الشرسة في هذا المجال تحتم على تسلا أن تكون مبتكرة وسريعة الاستجابة للتغيرات في السوق والتكنولوجيا.
بالتزامن مع التحضير لإطلاق الروبوتاكسي، وقَّع حاكم تكساس الجمهوري، غريغ أبوت، قانوناً جديداً ينظم تشغيل المركبات ذاتية القيادة، لكنه لن يدخل حيّز التنفيذ حتى الأول من سبتمبر. يتطلب القانون الجديد من الشركات الحصول على ترخيص رسمي من إدارة المركبات في تكساس، ويمنح السلطات الحق في سحب التصاريح إذا تبيّن أن السيارات تُشكّل خطراً على السلامة العامة. كما يلزم الشركات بتقديم معلومات كاملة حول كيفية تعامل الشرطة والإسعاف مع تلك المركبات في حالات الطوارئ. اللافت أن التشريع الجديد يُعد تراجعاً نسبياً عن قانون صدر عام 2017 يمنع البلديات من فرض تنظيمات محلية على السيارات الذاتية، ما يوضح أن تكساس تسعى اليوم لوضع أطر رقابية أكثر حزماً بعد سنوات من سياسة «عدم التدخل». هذه التغييرات القانونية تعكس القلق المتزايد بشأن سلامة السيارات ذاتية القيادة، وتضع على عاتق تسلا مسؤولية إضافية لإثبات أن تقنيتها آمنة وموثوقة.
تشمل الخدمة التجريبية حالياً ما بين 10 إلى 20 سيارة «موديل Y»، وتعمل ضمن نطاق محدود في أوستن، وتخطط تسلا لإبقاء مشغّلين في المقعد الأمامي يُعرفون بـ«مراقبي السلامة»، لكن لم يُعرف مدى تحكمهم الفعلي في السيارة. الخدمة لن تكون مفتوحة للجميع في هذه المرحلة، ولن يُسمح لمن هم دون 18 عاماً باستخدامها، كما أن السيارات ستتجنب الأحوال الجوية السيئة والتقاطعات المعقدة، وقال ماسك إن تسلا ستكون «شديدة الحذر» من ناحية السلامة، وقد تؤجل الإطلاق إذا لزم الأمر. هذه القيود والشروط تعكس حرص تسلا على تقليل المخاطر المحتملة في المرحلة التجريبية، وتسمح للشركة بجمع البيانات وتحسين الأداء قبل التوسع في نطاق الخدمة. وجود مراقبي السلامة في المقعد الأمامي يهدف إلى التدخل في الحالات الطارئة وضمان سلامة الركاب والمشاة.
أثارت الخدمة حماس جمهور تسلا، خاصة بين مؤثري وسائل التواصل الاجتماعي الذين وُجّهت إليهم دعوات حصرية لتجربة الخدمة ومشاركة آرائهم. لكن إطلاقها يأتي في وقت حساس، إذ لا تزال الذاكرة القريبة تحتفظ بفضيحة «كروز» التابعة لجنرال موتورز، والتي أوقفت بعد حادث مميت. ما يزيد من الجدل أن تسلا تتبنى نهجاً مختلفاً عن باقي الشركات؛ فهي تعتمد على الكاميرات فقط لقراءة الطريق، متجنبة تقنيات «ليدار» و «رادار» المكلفة، وهو ما يثير تساؤلات حول مدى دقة وسلامة النظام. الإطلاق لا يهدف فقط لاختبار التقنية، بل أيضاً لاختبار السوق والجاهزية التشريعية، تسلا تُراهن على أن انخفاض تكلفة تشغيل الروبوتاكسي سيمنحها تفوقاً طويل الأمد، لكن ذلك مشروط بقدرتها على إقناع السلطات والمستهلكين بأن الكاميرات وحدها كافية لتوفير تجربة آمنة بنسبة 100 في المئة قد تكون تكساس، بمرونتها التنظيمية نسبياً مقارنة بكاليفورنيا، منصة الانطلاق الأمثل، لكن الطريق إلى تعميم الروبوتاكسي لا يزال مليئاً بالتحديات القانونية والتقنية.