في خطوة جوهرية لإعادة تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، اشتمل مشروع قانون الإيجار القديم الجديد على مادة محورية، وهي المادة 8، التي تمنح المستأجرين، أو من امتد إليهم عقد الإيجار، أحقية تخصيص وحدة سكنية أو غير سكنية بديلة من الوحدات المتاحة لدى الدولة. هذا التخصيص يتم سواء بنظام الإيجار أو التمليك، ويأتي كحل بديل قبل انتهاء مدة العقود المحددة في المادة 2 من القانون. هذه المبادرة تهدف إلى توفير بدائل مناسبة للمستأجرين الذين يشغلون وحدات سكنية أو تجارية بموجب قوانين الإيجار القديمة، وذلك قبل تطبيق التعديلات الجديدة التي قد تؤثر على حقوقهم. تعتبر هذه المادة بمثابة حجر الزاوية في عملية الانتقال السلس إلى نظام إيجار أكثر عدالة وتنظيمًا، حيث تضمن عدم تضرر المستأجرين بشكل كبير نتيجة للتغييرات القانونية. تخصيص الوحدات البديلة يمثل فرصة للمستأجرين للانتقال إلى مساكن حديثة أو مواقع تجارية أفضل، مع الحفاظ على حقوقهم المشروعة في الحصول على سكن أو مكان عمل بديل.
شروط الحصول على الأولوية في التخصيص
للحصول على هذه الأولوية الهامة، يجب على المستأجر أو من امتد إليه العقد التقدم بطلب رسمي، على أن يكون هذا الطلب مرفقًا بإقرار خطي بإخلاء وتسليم العين المستأجرة فور صدور قرار التخصيص واستلام الوحدة الجديدة. هذا الشرط يضمن جدية الطلبات المقدمة ويسهل عملية الانتقال المنظم للمستأجرين إلى الوحدات البديلة. بالإضافة إلى ذلك، تمنح المادة 8 أولوية خاصة للفئات الأولى بالرعاية، وفي مقدمتهم المستأجر الأصلي، وزوجته، ووالداه ممن امتد إليهم عقد الإيجار. هذا التوجه يعكس اهتمام الدولة بالفئات الأكثر ضعفًا وحاجة إلى الدعم، ويضمن حصولهم على الأولوية في الحصول على الوحدات البديلة. هذه الفئات غالبًا ما تكون الأكثر تضررًا من التغييرات القانونية، وبالتالي فإن منحهم الأولوية يمثل خطوة إيجابية نحو تحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير الحماية اللازمة لهم. يجب على المستأجرين الراغبين في الاستفادة من هذه المادة التأكد من استيفاء جميع الشروط والمتطلبات المحددة في القانون واللوائح التنفيذية.
إجراءات التخصيص والبت في الطلبات
وفقًا للمادة ذاتها، يُصدر رئيس مجلس الوزراء، خلال شهر من بدء تطبيق القانون، قرارًا تفصيليًا يتضمن القواعد والشروط والإجراءات اللازمة لتلقي الطلبات والبت فيها. هذا القرار يتم إصداره بناءً على عرض من الوزير المختص بشؤون الإسكان، مما يضمن أن تكون الإجراءات متوافقة مع السياسات الإسكانية العامة للدولة. هذا القرار التنفيذي يعتبر ضروريًا لتوضيح آليات التنفيذ وتسهيل عملية التخصيص للمستأجرين. يجب أن يتضمن القرار جميع التفاصيل المتعلقة بالنماذج المطلوبة، والمستندات الداعمة، وآليات التقييم، وجداول الأولويات، وإجراءات الطعن، وذلك لضمان الشفافية والعدالة في عملية التخصيص. كما تتيح المادة للمستأجرين أولوية التخصيص في حال إعلان الدولة عن وحدات سكنية أو غير سكنية تابعة لها، سواء بالإيجار أو التمليك، بشرط التقدم بطلب مرفق بإقرار الإخلاء. هذا يمثل فرصة إضافية للمستأجرين للحصول على وحدات بديلة، ويسهم في تسريع عملية الانتقال إلى النظام الإيجاري الجديد.
أولوية التخصيص في حالات التزاحم
في حالات التزاحم على الوحدات البديلة، تُراعى أولوية المستأجرين في نفس المنطقة، وذلك وفقًا للضوابط التي يُحددها الإعلان الرسمي عن تلك الوحدات. هذا الشرط يهدف إلى الحفاظ على النسيج الاجتماعي للمناطق السكنية وتقليل الآثار السلبية للانتقال على المجتمعات المحلية. كما أنه يراعي الظروف الخاصة بكل منطقة واحتياجات سكانها. الضوابط التي سيتم تحديدها في الإعلان الرسمي يجب أن تكون واضحة وشفافة، وأن تعتمد على معايير موضوعية مثل مدة الإقامة في المنطقة، وعدد أفراد الأسرة، والظروف الاجتماعية والاقتصادية للمستأجر. هذا يضمن أن عملية التخصيص تتم بشكل عادل ومنصف، وأن يتم منح الأولوية للمستأجرين الأكثر استحقاقًا. يجب على المستأجرين الراغبين في الاستفادة من هذه الأولوية الاطلاع على الإعلانات الرسمية الصادرة عن الدولة والتأكد من استيفاء جميع الشروط والمتطلبات المحددة.
إلغاء القوانين القديمة وضمان وضوح المنظومة القانونية
في إطار إعادة هيكلة المنظومة القانونية للإيجارات، نصت المادة أيضًا على إلغاء القوانين أرقام 49 لسنة 1977، و136 لسنة 1981، و6 لسنة 1997، اعتبارًا من اليوم التالي لمرور 7 سنوات على سريان القانون الجديد، بالإضافة إلى إلغاء أي أحكام تتعارض مع نصوصه، بما يضمن وضوحًا قانونيًا وتنظيمًا أفضل لسوق الإيجارات في مصر. هذا الإلغاء يهدف إلى تبسيط المنظومة القانونية وتوحيد الأحكام المتعلقة بالإيجارات، مما يسهل على المتعاملين فهم حقوقهم وواجباتهم. كما أنه يقلل من احتمالات النزاعات القضائية الناجمة عن تضارب القوانين. هذه الخطوة تمثل تحولًا جذريًا في نظام الإيجارات في مصر، وتؤسس لمرحلة جديدة من الاستقرار والشفافية في هذا القطاع الحيوي. يجب على جميع الأطراف المعنية، من ملاك ومستأجرين، الاطلاع على القانون الجديد واللوائح التنفيذية الصادرة بشأنه، وذلك لضمان الالتزام بأحكامه وتجنب أي مخالفات قانونية. هذا الإلغاء يمثل نهاية حقبة وبداية مرحلة جديدة من التنظيم والعدالة في سوق الإيجارات المصري.