أثار مشروع قانون الإيجار القديم للوحدات السكنية في جمهورية مصر العربية نقاشًا حادًا وقلقًا بالغًا في أوساط المواطنين والمهتمين بالشأن العقاري. يعود هذا القلق إلى عدم التوصل حتى الآن إلى صيغة توافقية وعادلة لهذا المشروع، تضمن حقوق جميع الأطراف المعنية قبل إقراره وتنفيذه بشكل نهائي. وقد تصاعدت الأصوات المطالبة بإعادة النظر في المشروع، خاصة بعد إحالته إلى لجنة مشتركة في مجلس النواب، تضم لجان الإسكان والمرافق العامة والتعمير، بالإضافة إلى مكتبي الإدارة المحلية والشؤون الدستورية والتشريعية، بهدف دراسته وتقييمه بشكل شامل.
مشروع قانون الإيجار القديم في مصر يثير جدلاً واسعاً ومطالبات بإعادة النظر
وفي هذا السياق، أكد عدد من أعضاء مجلس النواب عن محافظة الإسكندرية على أهمية مراجعة مشروع قانون الإيجار القديم، بما يراعي تطلعات واحتياجات المواطنين، سواء كانوا ملاكًا أو مستأجرين. الهدف الأساسي هو تحقيق العدالة والتوازن بين الطرفين، دون إلحاق الضرر بأي منهما. وقد شدد النواب على ضرورة مراعاة الظروف الاقتصادية والاجتماعية للمستأجرين، خاصةً كبار السن وأصحاب المعاشات، الذين يشكلون شريحة واسعة من القاطنين في الوحدات السكنية الخاضعة لقانون الإيجار القديم، والذين قد يتأثرون بشكل كبير بأي تغييرات جذرية في هذا القانون.
كما أشار النواب إلى أن إحالة مشروع القانون إلى لجنة مشتركة في مجلس النواب تعكس الاهتمام الكبير الذي يوليه المجلس للبعد الاجتماعي والإنساني لهذا الملف. ومع ذلك، أكدوا على أهمية إعادة صياغة المشروع وفحص التعديلات المقترحة بعناية فائقة، بما يضمن تلبية تطلعات الملاك والمستأجرين على حد سواء، وتحقيق العدالة الإيجارية التي تتناسب مع متطلبات العصر وتراعي المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة.
من جهة أخرى، أعرب بعض النواب عن قلقهم من أن مشروع القانون بصيغته الحالية، حتى بعد التعديلات التي أدخلت عليه، لا يحظى بالقبول الكافي من قبل المواطنين، خاصةً وأنه يتضمن تعديلات قد تكون مجحفة بحق المستأجرين. وقد أشاروا إلى أن من المتوقع أن يؤدي تطبيق القانون بصيغته الحالية إلى رفع قيمة الإيجارات بشكل كبير، قد يصل إلى 20 ضعفًا في بعض الحالات، وهو ما يمثل عبئًا ماليًا كبيرًا على كاهل المستأجرين، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد.
وفي ضوء هذه المخاوف، دعا النواب الحكومة إلى فتح حوار مجتمعي شامل حول مشروع قانون الإيجار القديم، يشارك فيه جميع الأطراف المعنية، من خبراء اقتصاديين ومشرعين وملاك ومستأجرين، بهدف التوصل إلى صيغة توافقية عادلة ترضي جميع الأطراف، وتضمن عدم تعرض أي طرف للضرر أو الإجحاف. كما شددوا على أهمية تدخل القيادة السياسية لتعديل القانون، بحيث يكون متوازنًا وشاملاً، ويأخذ في الاعتبار مصلحة كل من المالك والمستأجر، مع الحفاظ على الحقوق دون الإضرار بأي طرف، خاصة وأن الأوضاع الحالية لا تحتمل أي معاناة إضافية.
تجدر الإشارة إلى أن عدد وحدات الإيجار القديم السكنية في مصر يبلغ حوالي 1.879 مليون وحدة، وهو ما يمثل نسبة تقدر بحوالي 7% من إجمالي الوحدات السكنية في البلاد، وفقًا لتعداد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2017. وهذا يعكس الأهمية الكبيرة لهذا الملف، وتأثيره المباشر على حياة شريحة واسعة من المواطنين المصريين.