تترقب سماء المملكة العربية السعودية والوطن العربي مساء يوم الثلاثاء الموافق 17 يونيو 2025، حدثًا فلكيًا استثنائيًا يتمثل في اقتران كوكب المريخ بنجم قلب الأسد. ستتاح الفرصة للمراقبين لرؤية هذا المشهد البديع مع بداية الليل، حيث سيظهر الكوكب والنجم متجاورين في الأفق الغربي، مما يجعلهما مرئيين بوضوح بالعين المجردة.

اقتران المريخ وقلب الأسد: ظاهرة فلكية تزين سماء الوطن العربي

أوضحت الجمعية الفلكية بجدة، عبر حسابها الرسمي على موقع "فيسبوك"، أن هذا الاقتران الظاهري لا يعكس قربًا حقيقيًا بين الجرمين السماويين. فعلى الرغم من أن المسافة بين الأرض وكوكب المريخ تبلغ حوالي 271 مليون كيلومتر، بينما يبعد نجم قلب الأسد عنا قرابة 79 سنة ضوئية، إلا أنهما يظهران متقاربين في السماء نظرًا لوقوعهما على خط رؤية واحد من موقع الراصد على سطح الأرض. يُعرف هذا الاصطفاف الظاهري بـ "الاقتران الظاهري"، وهو مصطلح فلكي يشير إلى تقارب جرمين سماويين في السماء من منظورنا، دون أن يكون هناك أي تأثير فيزيائي متبادل بينهما.

نجم قلب الأسد: يُعد نجم قلب الأسد (Regulus) أحد ألمع نجوم كوكبة الأسد، ويحتل مكانة مرموقة ضمن النجوم الملكية الأربعة في علم الفلك القديم. عرفه العرب القدماء باسم "الذنب"، واستخدموه كمرجع أساسي في الملاحة البرية والبحرية. يصنف قلب الأسد ضمن الفئة الطيفية B، مما يشير إلى أنه نجم شاب وحار، يتميز بقطر يبلغ حوالي أربعة أضعاف قطر الشمس. لمعانه الشديد ولونه الأبيض المزرق يجعله مميزًا في سماء الليل.

كوكب المريخ: يتميز كوكب المريخ بلونه الأحمر المائل للبرتقالي، وهو ما أكسبه لقب "الكوكب الأحمر". في الأساطير الرومانية، يرمز المريخ إلى إله الحرب "مارس"، بينما أطلق عليه العرب القدماء اسم "بهرام". ارتبط المريخ في التراث الثقافي بقصص وحكايات تعكس لونه المميز وحركته الظاهرية التي قد تبدو غير منتظمة في بعض الأحيان. علميًا، تعزى هذه الخصائص إلى طبيعة سطح الكوكب وحركته المدارية المنتظمة، ولا تسبب أي أحداث استثنائية على الأرض.

وأضافت الجمعية الفلكية أن هذا الحدث الفلكي يمثل فرصة تعليمية قيمة للمهتمين بعلم الفلك، حيث يمكنهم من خلاله:

  • ملاحظة الفرق بين لمعان الكواكب والنجوم: فكوكب المريخ يعكس ضوء الشمس، وبالتالي يتغير لمعانه تبعًا لبعده عن الأرض، كما أنه لا يومض عبر الغلاف الجوي ويظهر بلون أحمر باهت. بينما نجم قلب الأسد ينتج ضوءه ذاتيًا، وسطوعه أكثر ثباتًا، ويومض عبر الغلاف الجوي بلون أبيض مزرق.
  • التدرب على تقدير المسافات الزاوية في السماء: يمكن للمراقبين تقدير المسافة الزاوية بين المريخ وقلب الأسد، مما يساعدهم على فهم مقياس الأبعاد في السماء.
  • استخدام المناظير والتلسكوبات: يمكن استخدام المناظير والتلسكوبات لضبط الرؤية المشتركة للكوكب والنجم، مما يتيح رؤية أوضح وأكثر تفصيلاً.

 

للحصول على أفضل رؤية ظاهرة للاقتران، يُنصح بالبدء بالرصد بعد حوالي 45 دقيقة من غروب الشمس، واختيار موقع بعيد عن التلوث الضوئي وذو أفق غربي مفتوح. تمثل هذه الاقترانات فرصة مثالية لالتقاط صور فوتوغرافية تجمع بين الكواكب والنجوم اللامعة في مشهد واحد خلاب، خاصة إذا تم دمجها مع معالم أرضية جذابة مثل المآذن أو الجبال أو الأشجار.

 

تعتبر ظاهرة الاقترانات الفلكية نوافذ ثمينة تجمع بين جمال الكواكب وتألق النجوم، مما يتيح فرصة فريدة لفهم المفاهيم الفلكية الأساسية بطريقة بصرية ممتعة تجمع بين المعرفة والجمال، وتوفر تجربة بصرية مميزة تتيح توثيق لحظات سماوية تروي قصة الكون.