تشهد مصر تحولًا نوعيًا في موقعها على خريطة التجارة العالمية، حيث تُعيد صياغة دورها في الربط بين الشرق والغرب من خلال مشروعات لوجستية استراتيجية تدعم الربط التجاري بين الهند وأوروبا، وتأتي دراسة صادرة عن المركز المصري للدراسات الاقتصادية لتؤكد هذا التوجه، مشيرة إلى أن مصر أنشأت سبعة ممرات لوجستية متكاملة تسهم في تعزيز هذا الدور، مدعومة بالبنية التحتية الحديثة، والموقع الجغرافي الفريد، وشبكة الموانئ والطرق والسكك الحديدية التي تصل البحر الأحمر بالبحر المتوسط، وتخدم المجتمعات الجديدة والمناطق الصناعية والزراعية، مما يعزز مكانة مصر كلاعب رئيسي في ممر التجارة الجديد الذي يمتد من نيودلهي إلى أوروبا عبر الشرق الأوسط

البنية التحتية المصرية تعزز الدور التجاري العالمي

أظهرت الدراسة أن مصر استثمرت في تطوير سبعة ممرات لوجستية متكاملة تشمل محاور استراتيجية تصل بين مناطق الإنتاج والموانئ، مما يدعم التحول نحو مركز إقليمي للنقل وتجارة الترانزيت، وتضمنت هذه الممرات خطوط سكك حديدية حديثة، من ضمنها قطار كهربائي فائق السرعة، إضافة إلى موانئ جافة ومناطق لوجستية تدعم حركة التجارة بشكل فعّال

الممرات اللوجستية المصرية السبعة

تم إنشاء ممرات لوجستية متنوعة تغطي مناطق جغرافية واسعة، وهي:

  • ممر السخنة - الإسكندرية

  • ممر العريش - طابا

  • ممر القاهرة - الإسكندرية

  • ممر طنطا - المنصورة - دمياط

  • ممر جرجوب - السلوم

  • ممر القاهرة - أسوان - أبو سمبل

  • ممر سفاجا - قنا - أبو طرطور

الربط بين البحرين الأحمر والمتوسط يعزز التكامل

ساهم الربط بين موانئ البحر الأحمر وموانئ البحر الأبيض المتوسط في تعزيز الاتصال التجاري، حيث تتصل هذه الموانئ بشبكة من الطرق والسكك الحديدية، بالإضافة إلى الموانئ الجافة التي تقلل من زمن وتكاليف النقل، وتسهم في تقليل الازدحام وتحسين الكفاءة اللوجستية

دور قناة السويس كمحور حيوي عالمي

تُعد قناة السويس جزءاً لا يتجزأ من هذا الممر، إذ تعتبر من أهم الممرات البحرية في العالم، وتكمل دور الممرات البرية المصرية، مما يعزز من مكانة مصر كممر استراتيجي يربط الشرق بالغرب، ويدعم تدفقات التجارة العالمية دون الحاجة لعبور المحيطات الطويلة

الظروف الجيوسياسية تُعيد رسم المشهد التجاري

أكدت الدراسة أن المنطقة تشهد تحولات كبيرة، مثل صعود دول الخليج العربي اقتصاديًا واستضافة بطولات عالمية ككأس العالم، بالإضافة إلى الصراعات الجيوسياسية المستمرة مثل النزاع بين إسرائيل وحماس، كلها عوامل تُعيد تشكيل مشهد التجارة والاتصال العالمي، وتضع مصر في بؤرة الاهتمام الدولي كممر آمن وفعال

التحديات التنظيمية والتكلفة الخفية للتجارة

أشارت الدراسة إلى أن من أكبر العوائق أمام ممر التجارة الهندي الأوروبي هي التحديات التنظيمية بين الدول، فكل دولة لها معايير جمركية وصحية وتقنية مختلفة، وهذا يؤدي إلى:

  • زيادة ما يسمى بالتكاليف الخفية للتجارة

  • خلق احتكاكات تعوق تدفقات السلع

  • ارتفاع التكاليف اللوجستية الإجمالية

  • الحاجة لتنسيق أكبر بين الدول الشريكة

  • وجود حواجز فنية وبيئية متباينة

الهند والشرق الأوسط شركاء العولمة الجدد

ذكرت الدراسة أن الهند، إلى جانب دول الشرق الأوسط مثل الإمارات والسعودية وقطر، أصبحت تمثل الوجوه الجديدة للعولمة والنمو، وتسعى لتشكيل نظام عالمي جديد يقوم على الشراكة الاقتصادية، وتعزيز الاتصال العابر للقارات، وهو ما يعزز من أهمية تطوير ممر الهند - أوروبا كمشروع استراتيجي للقرن الواحد والعشرين

الفرص المستقبلية لاندماج مصر في ممر التجارة

وجود مصر في قلب هذا الممر يفتح لها آفاقًا كبيرة للاستفادة من التدفقات التجارية، وزيادة الاستثمارات الأجنبية، وتحقيق التكامل الإقليمي، كما يعزز ذلك من:

  • نمو قطاع النقل والخدمات اللوجستية

  • توفير فرص عمل جديدة في المناطق الصناعية

  • تطوير البنية التحتية بشكل متسارع

  • دعم الميزان التجاري من خلال إعادة التصدير

  • رفع مكانة مصر في النظام الاقتصادي العالمي

تؤكد الدراسة الاقتصادية أن مصر تمتلك المقومات التي تؤهلها لتكون محورًا رئيسيًا في ممر التجارة بين الهند وأوروبا، عبر بنيتها التحتية الحديثة وموقعها الجغرافي المتميز، ورغم التحديات التنظيمية والسياسية، فإن الفرصة سانحة أمام مصر للعب دور فاعل في تشكيل مستقبل التجارة العالمية، خاصة مع تسارع التحولات الإقليمية والعالمية، مما يستوجب التنسيق مع الشركاء الدوليين لتذليل العقبات وتحقيق أقصى استفادة من هذا الربط التاريخي