في تحول ملحوظ في استراتيجيات الاستثمار العالمية، بدأ المستثمرون في سحب رؤوس أموالهم من أسواق الأسهم الأمريكية وتوجيهها نحو الأصول الأوروبية والأسواق الناشئة.

 

يعزى هذا التحول بشكل كبير إلى تزايد المخاوف بشأن السياسة المالية للولايات المتحدة، بما في ذلك ارتفاع الدين العام والمخاطر المتزايدة من أن تؤدي التعريفات الجمركية التي فرضتها الحكومة الأمريكية إلى تباطؤ اقتصادي عالمي.

 

هذه المخاوف دفعت المستثمرين إلى البحث عن ملاذات استثمارية أكثر أمانًا واستقرارًا، مما أدى إلى تدفقات كبيرة من الأموال إلى القارة الأوروبية.

 

تظهر البيانات الصادرة عن «إل إس إي جي ليبر» (LSEG Lipper) أن صناديق الاستثمار المشتركة وصناديق المؤشرات المتداولة (ETFs) المسجلة في الولايات المتحدة شهدت عمليات سحب للأموال بقيمة 24.7 مليار دولار خلال شهر مايو الماضي.

 

يعتبر هذا الرقم الأعلى من نوعه خلال عام كامل، مما يعكس حجم القلق المتزايد لدى المستثمرين بشأن مستقبل الاقتصاد الأمريكي.

 

هذه العمليات البيعية المكثفة تشير إلى أن المستثمرين يسعون لتقليل تعرضهم للأصول الأمريكية في ظل الظروف الاقتصادية غير المؤكدة.

 

على النقيض من ذلك، شهدت الصناديق الأوروبية تدفقات نقدية كبيرة بلغت 21 مليار دولار في شهر مايو وحده.

 

وبذلك، ارتفعت التدفقات الإجمالية منذ بداية العام الحالي إلى 82.5 مليار دولار، وهو أعلى مستوى لها منذ أربع سنوات.

 

هذا التدفق الكبير يعكس الثقة المتزايدة في الاقتصاد الأوروبي، مدفوعًا بانخفاض أسعار الفائدة والتفاؤل بشأن خطة التحفيز الألمانية الطموحة التي تبلغ قيمتها تريليون يورو.

 

يبدو أن أوروبا تقدم للمستثمرين بيئة استثمارية أكثر جاذبية في الوقت الحالي.

لم تقتصر التدفقات النقدية على أوروبا فقط، بل امتدت أيضًا إلى الأسواق الناشئة.

 

فقد سجلت صناديق الأسهم في الأسواق الناشئة، والتي يبلغ عددها 292 صندوقًا، تدفقات داخلة بلغت 3.6 مليار دولار في شهر مايو.

 

وبذلك، وصل إجمالي التدفقات إلى هذه الصناديق هذا العام إلى 11.1 مليار دولار.

 

يعزى هذا الإقبال على الأسواق الناشئة إلى تحسن الأساسيات الاقتصادية في بعض هذه الدول، بالإضافة إلى اعتبار أمريكا اللاتينية خيارًا آمنًا نسبيًا في ظل تصاعد التوترات التجارية والعسكرية على مستوى العالم.

 

هذا يدفع المستثمرين للبحث عن مناطق أكثر استقرارًا لتنويع محافظهم الاستثمارية.

 

 

وتفوقت الأسواق الأوروبية على نظيرتها الأمريكية هذا العام، حيث ارتفع مؤشر MSCI للأسهم الأميركية بنسبة 2.7% فقط منذ بداية العام، في حين صعد مؤشر MSCI لأوروبا بنحو 20%.

 

كما ارتفع مؤشر MSCI لآسيا والمحيط الهادئ بنسبة 10%.

 

يأتي هذا الأداء المتباين في ظل قرار البنك المركزي الأوروبي بخفض أسعار الفائدة للمرة الثامنة خلال عام، بهدف دعم الاقتصاد الأوروبي، على الرغم من تحذيره من تصاعد المخاطر التجارية مع الولايات المتحدة.

 

هذه العوامل مجتمعة تجعل الأسواق الأوروبية وجهة أكثر جاذبية للمستثمرين الباحثين عن عوائد أفضل.