أعلنت وزارة التجارة الصينية، اليوم السبت، عن موافقتها على عدد من طلبات تصدير المعادن الأرضية النادرة، في خطوة يراها مراقبون بادرة إيجابية قد تسهم في تخفيف حدة التوترات التجارية القائمة مع الولايات المتحدة، وذلك قبيل انطلاق جولة جديدة من المفاوضات بين القوتين الاقتصاديتين الأسبوع الجاري.
ونقلت وكالة بلومبرج للأنباء هذا التطور الهام، الذي يأتي في وقت حساس يشهد فيه الاقتصاد العالمي حالة من الترقب لمآلات الحرب التجارية بين بكين وواشنطن. ورغم أن الوزارة لم تحدد بشكل قاطع الدول أو القطاعات الصناعية التي ستستفيد من هذه الموافقات، إلا أنها أشارت إلى وجود طلب متزايد على هذه المعادن الحيوية، لا سيما في صناعات متقدمة مثل الروبوتات والسيارات الكهربائية، مما يعكس الأهمية الاستراتيجية لهذه المواد.
ويأتي هذا الإعلان الصيني في أعقاب محادثة هاتفية جرت مؤخرًا بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينج. وقد صرح الرئيس ترامب عقب هذه المحادثة بأنه "ينبغي ألا تكون هناك أسئلة متعلقة بتعقيد المعادن النادرة"، في إشارة قد تُفسر على أنها تلميح إلى إمكانية التوصل إلى تفاهمات بشأن هذه القضية الشائكة.
وتُعد المعادن النادرة مجموعة من سبعة عشر عنصراً كيميائياً ذات أهمية بالغة في العديد من الصناعات التكنولوجية المتقدمة، بما في ذلك الإلكترونيات، والطاقة المتجددة، والصناعات الدفاعية. وتمتلك الصين النصيب الأكبر من الإنتاج العالمي لهذه المعادن، مما يمنحها ورقة ضغط هامة في المفاوضات التجارية.
وفي بيان صدر اليوم، أكدت وزارة التجارة الصينية أنها ستواصل عملية مراجعة ودراسة الشكاوى المتعلقة بطلبات التصدير للمعادن النادرة هذا التأكيد يشير إلى أن الباب لم يُغلق تمامًا أمام المزيد من الموافقات، وأن بكين قد تكون مستعدة لإبداء مرونة إضافية بناءً على تطورات المفاوضات.
ويُنظر إلى قرار الموافقة على بعض الطلبات، حتى وإن كان محدودًا في نطاقه الحالي، على أنه محاولة من الجانب الصيني لتهيئة أجواء أكثر إيجابية قبيل الاجتماعات المقررة ومن المقرر أن يلتقي وفدان رفيعا المستوى من بكين وواشنطن في المملكة المتحدة يوم الاثنين المقبل، لمواصلة الحوار التجاري المتعثر منذ أشهر.
تعتبر قضية المعادن النادرة إحدى نقاط الخلاف الرئيسية في النزاع التجاري الأوسع بين الولايات المتحدة والصين فواشنطن تعتمد بشكل كبير على الواردات الصينية من هذه المواد لتلبية احتياجات صناعاتها الحيوية، وقد أثارت بكين في السابق تكهنات بإمكانية استخدام سيطرتها على إمدادات المعادن النادرة كسلاح في الحرب التجارية.
لذلك، فإن أي تخفيف للقيود المفروضة على تصديرها يمكن أن يُنظر إليه كبادرة حسن نية، أو على الأقل كخطوة تكتيكية تهدف إلى تحقيق مكاسب في جولات التفاوض القادمة. ويترقب المحللون باهتمام بالغ نتائج اجتماع لندن، وما إذا كانت هذه الخطوة الصينية ستتبعها تنازلات أخرى من كلا الطرفين.
إن تداعيات هذا القرار قد تمتد إلى ما هو أبعد من مجرد تخفيف التوتر اللحظي. فإذا ما استمرت الصين في تسهيل صادرات المعادن النادرة، فقد يساهم ذلك في استقرار أسواق هذه المواد عالميًا، ويقلل من المخاوف بشأن تعطل سلاسل الإمداد للصناعات التكنولوجية.
ومع ذلك، يظل الموقف العام للصين بشأن استخدام هذه الورقة الاستراتيجية غير واضح تمامًا، وسيعتمد مستقبل تدفق هذه المعادن بشكل كبير على مسار المفاوضات التجارية الشاملة.
ويبقى التحدي الأكبر أمام المفاوضين هو التوصل إلى اتفاق يعالج القضايا الجوهرية للخلاف، بما في ذلك حقوق الملكية الفكرية، ونقل التكنولوجيا، والعجز التجاري، لضمان علاقة اقتصادية أكثر توازنًا واستدامة بين أكبر اقتصادين في العالم.