أصدرت دار الإفتاء المصرية بيانًا شرعيًا مفصّلًا تؤكد فيه مشروعية زيادة الصلاة والسلام على النبي محمد ﷺ وآله وأصحابه وأزواجه وذريته في ختام تكبيرات العيدين (الفطر والأضحى)، مؤكدة أن هذا الأمر مشروع ومندوب ومستحب، لما فيه من الجمع بين ذكر الله والصلاة على نبيه، وهو ما يُعد من أفضل الذكر عند أهل العلم.
وأكدت الدار أن التكبير في العيدين سنةٌ مؤكدة عند جمهور الفقهاء، استنادًا إلى آيات صريحة في القرآن الكريم، منها:
قوله تعالى في آيات الصيام:
﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ﴾ [البقرة]
وقوله في آيات الحج:
﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ﴾ [البقرة: 203]
﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ﴾ [الحج: 28]
﴿لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ﴾ [الحج: 37]
وبذلك حمل العلماء هذه النصوص على تكبيرات العيدين، لما فيها من شكر لله على تمام النعمة ونجاح العبادة.
أوضحت دار الإفتاء أن التكبير تعظيم لله، ومقصوده في العيد هو إظهار عظمة الله ووحدانيته، وتأكيد أن الألوهية لا تليق إلا بالله وحده، ولهذا شرع التكبير في:
- الصلاة، لإبطال السجود لغير الله
- عند الذبح في الحج، لإبطال ما كان يُفعل للأصنام
- عند انتهاء الصيام، لإظهار العبودية والفرح بنعمة الله
وأكدت الدار أن التكبير يبدأ من غروب شمس ليلة العيد ويُستحب أن يُرفع الصوت به في المنازل، والطرق، والمساجد، والأسواق، ويستمر حتى يبدأ الإمام في صلاة العيد ومن لم يُصلِّ مع الإمام، يُكمل التكبير حتى نهاية الخطبتين.
الصيغة المشهورة في مصر: مشروعة ومستحبّة
أشارت دار الإفتاء إلى أنه لم يرد في السنة صيغة محددة للتكبير، لكن ثبت أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يُكبّرون بصيغ متعددة، منها ما ورد عن سلمان الفارسي رضي الله عنه، حيث قال:
"الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد"
وهذه الصيغة مشروعة ومتوارثة، وذكر الإمام الشافعي في كتابه "الأم" أن التكبيرات كما يفعلها الناس حسنة، وما زاد عليها من ذكر الله فهو مستحب.
كما أن الصيغة التي درج عليها المصريون منذ القِدم مشروعة أيضًا، لما فيها من ذكر، وثناء، وصلاة على النبي ﷺ، ومنها:
- "الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلًا، لا إله إلا الله وحده..."
- ثم في ختامها: "اللهم صلّ على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد..."
أكدت دار الإفتاء أن إضافة الصلاة والسلام على النبي ﷺ وآله وأصحابه في ختام التكبير أمر مشروع ومستحب، وهو لا يخرج عن النصوص الشرعية، بل يدخل تحت المطلق الذي لم يرد فيه تقييد، بل يُحبّذ العلماء ما اجتمع فيه ذكر الله والصلاة على رسول الله.
وأوضحت الدار أن من ينكر هذا الفعل ويصفه بالبدعة، هو أقرب إلى البدعة من الفاعل نفسه، لأنه بذلك يقيّد ما وسّعه الله ورسوله ﷺ بلا دليل، والنصوص في هذا المجال مطلقة، وكل ذكر لله ورسوله مقبول شرعًا ما دام لا يخالف نصًا صريحًا.
وأشارت الفتوى إلى أن الصلاة على النبي ﷺ مقبولة أبدًا، حتى من المنافق، كما ورد في أقوال أهل العلم، لأنها متعلقة بـ"الجناب الأجل"، أي مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا يُفضل ختم التكبيرات بها لأنها تضفي على الذكر روح القبول والبركة.