يوم عرفة هو يوم من أعظم أيام الله، يحمل بين ساعاته فرصًا عظيمة لمغفرة الذنوب ورفع الدرجات واستجابة الدعاء.

 

يجتمع فيه الحجاج على جبل عرفات لأداء الركن الأعظم من مناسك الحج، وهو الوقوف بعرفة، بينما ينشغل غير الحجاج في الطاعات والعبادات، في سعي صادق لنيل رضا الله عز وجل والتعرض لنفحاته وبركاته.

 

من أبرز فضائل هذا اليوم، صيامه لغير الحاج، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم: "صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده".

 

وهذا التكفير يشمل الذنوب الصغيرة، مما يجعل صيامه من أعظم القربات. أما الحاج فلا يُشرع له الصيام في هذا اليوم لانشغاله بالوقوف والدعاء.

 

يبدأ التحضير لهذا اليوم من ليلته، حيث يُستحب النوم مبكرًا قبل العاشرة مساءً، ثم الاستيقاظ في الثلث الأخير من الليل لصلاة القيام وركعات الوتر، ثم تناول السحور والاشتغال بذكر الله والتكبير حتى أذان الفجر.

 

بعد أداء صلاة الفجر جماعة في المسجد، يُستحب البقاء في المسجد لقراءة القرآن وذكر الله حتى شروق الشمس، ثم صلاة ركعتين بعد الشروق، وهما ركعتا الضحى.

 

عقب العودة إلى المنزل، يوصى بالصدقة بما يتيسر، ولو كانت قليلة، لأن الأعمال الصالحة في هذا اليوم تتضاعف، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام" – أي أيام العشر الأوائل من ذي الحجة.

 

من الأمور التي يُندب الإكثار منها في يوم عرفة: ذكر الله عز وجل، بالتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير. قال تعالى: ﴿اذكروا الله ذكرا كثيرا﴾، وقد ورد في الحديث أن من وُفّق للإكثار من ذكر الله في هذا اليوم، فهو من المصطفين الذين أذن الله لهم بذكره وفتح لهم أبواب رحمته.

 

قراءة القرآن أيضًا من العبادات العظيمة، حيث ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها".

 

أما وقت العصر وحتى غروب الشمس، فهو من أفضل أوقات الدعاء، فيُستحب أن يجلس المسلم فيها متوجهًا إلى الله بقلب خاشع، رافعًا يديه، مكثرًا من الأدعية الجامعة، مثل:

"لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير"

 

"اللهم اجعلني من عتقائك من النار، واغفر لي ولوالديّ، وارزقني رزقًا طيبًا مباركًا، وحقق لي ما أتمنى"

 

"اللهم يسر لي كل عسير، وافتح لي أبواب الخير، وبارك لي في ديني ودنياي"

 

"ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار"

 

الدعاء في هذا اليوم مستجاب، وفضل الدعاء فيه أعظم من أي وقت آخر، لذا يجب اغتنامه كاملاً في الطاعة، بالرجاء والخشية والإخلاص، والإكثار من الاستغفار والدعاء للأهل والأحباب والأمة الإسلامية جمعاء.

 

ختامًا، يوم عرفة ليس يومًا عاديًا، بل هو هبة ربانية عظيمة، من ضيّعها فقد فاته خير كثير، ومن أحسن اغتنامها، رجع منها وقد غفر الله له، وبدّل سيئاته حسنات، وقُبل دعاؤه، وتحققت أمانيه بإذن الله.