شيّع محبو الفن وجمهور المسرح العربي جثمان الفنانة القديرة سميحة أيوب من مسجد الشرطة بمنطقة الشيخ زايد، عقب صلاة العصر، بعد أن رحلت عن عالمنا عن عمر ناهز 93 عامًا، تاركة وراءها إرثًا فنيًا ثريًا امتد لعقود طويلة من العطاء في المسرح والسينما والدراما التلفزيونية

 

ولدت سميحة أيوب عام 1932 وبدأت رحلتها الفنية وهي في سن الخامسة عشرة، حين شاركت في أول أفلامها "المتشردة" عام 1947، ثم في فيلم "حب" عام 1948.

 

لم يكن دخولها إلى عالم التمثيل وليد المصادفة، بل جاء مدفوعًا بشغف حقيقي للفن، دفعها إلى الالتحاق بالمعهد العالي للتمثيل عام 1949، والذي أسسه الرائد المسرحي زكي طليمات.

هناك تتلمذت على يديه، وتعلمت أصول الأداء المسرحي والتمثيل، وواصلت العمل الفني بالتوازي مع دراستها حتى تخرجت عام 1953

 

في فترة الخمسينيات، لمع نجمها في السينما من خلال مجموعة من الأفلام التي لاقت صدى واسعًا، من بينها "شاطئ الغرام"، لكنها سرعان ما وجدت شغفها الحقيقي في المسرح، الذي كرّست له الجزء الأكبر من مسيرتها.

 

انضمت إلى فرقة المسرح القومي، وشاركت في العديد من الأعمال الخالدة التي شكّلت وعي أجيال كاملة من الجمهور

 

شغلت سميحة أيوب منصب مديرة المسرح الحديث في الفترة بين 1972 و1975، ثم تولت إدارة المسرح القومي مرتين بين عامي 1975 و1989، وكانت أول امرأة تتولى هذا المنصب الرفيع.

 

خلال هذه السنوات، ساهمت في تطوير الحركة المسرحية في مصر، وأشرفت على إنتاج العديد من العروض التي تركت بصمة واضحة على الساحة الثقافية

 

قدمت سميحة أيوب نحو 170 عملًا مسرحيًا، تنوعت بين الكلاسيكي والمعاصر، وجسدت من خلالها أدوارًا معقدة كشفت عن قدراتها الفنية الكبيرة وموهبتها الاستثنائية.

 

لم تقتصر أعمالها على المسرح فقط، بل امتدت إلى الدراما التلفزيونية حيث شاركت في عدد من المسلسلات الناجحة التي عُرضت خلال العقود الأخيرة، إضافة إلى حضورها السينمائي الذي لم ينقطع رغم تركيزها على المسرح

 

حصلت على العديد من الجوائز والتكريمات من مؤسسات فنية مصرية وعربية، ولقبت بـ"سيدة المسرح العربي" تقديرًا لإسهاماتها الغزيرة والمؤثرة في المسرح، وحضورها الطاغي على الخشبة.

 

كانت رمزًا للمرأة الفنانة القوية التي تقود وتبدع وتدير، دون أن تتخلى عن صدقها الفني أو انتمائها لقضايا المجتمع

 

برحيل سميحة أيوب، يفقد الوسط الفني واحدة من أعمدته الراسخة، ويطوي المسرح العربي صفحة من أنصع صفحاته.

 

ستبقى أعمالها وأدوارها شاهدة على رحلة فنية قلّ نظيرها، وعلى سيدة اختارت أن تحيا فوق الخشبة وتختم حياتها تاركة جمهورها محمّلًا بالحب والوفاء والذكرى الطيبة