تتجلى في بعض القصص الإنسانية معاني الأمل والصبر التي تتجاوز حدود الخيال، وتصبح الحقيقة أكثر دهشة من الروايات السينمائية، ومن هذه القصص قصة الإعلامية الليبية حنان المقوب، التي أعادت لها مكالمة واحدة عبر تطبيق تيك توك مشهدًا غاب عن حياتها لأكثر من أربعة عقود، اللقاء بين أم وابنتها بعد فراق امتد لـ 44 عامًا، لحظة لا تُنسى اختلطت فيها الدموع بالزغاريد في صالة مطار القاهرة، وتحولت إلى واحدة من أكثر اللحظات المؤثرة التي تابعتها الجماهير على مواقع التواصل الاجتماعي، فكيف بدأت القصة؟ وما هو سر المكالمة التي غيّرت حياة المقوب للأبد؟
من هي حنان المقوب؟
حنان المقوب هي إعلامية وصحفية وناشطة حقوقية ليبية
صنفتها منظمة "صحفيون بلا حدود" ضمن قائمة أشجع 100 صحفي في العالم
عانت من تهديدات ومضايقات في ليبيا جعلتها تنتقل للعيش في مصر
قدمت عدة برامج على التلفزيون والإذاعة
أنشأت برنامجًا على تيك توك بعنوان "تعال نحكيلك مع حنان المقوب"
قصة الطفولة الغامضة
ولدت حنان في مدينة بنغازي عام 1981
تم العثور عليها وهي رضيعة لا يتجاوز عمرها يومين أمام أحد المساجد
تم تسليمها إلى دار أيتام، ثم تبنتها عائلة ليبية وأسمتها "حنان"
عاشت حياة مستقرة وسط العائلة المتبنية التي منحتها الرعاية والتعليم
فقدت والدها بالتبني لاحقًا، وكفلها عمها بالتبني لتجنب إعادتها لدار الأيتام
درست الإعلام وبرزت كمقدمة برامج، ثم لاحقتها التهديدات فانتقلت لمصر
المكالمة التي قلبت حياتها
في بث مباشر على تيك توك في مايو 2025
تلقت اتصالًا من شاب ليبي يُدعى عمر موسى
روى قصة والدته التي أنجبت في سن 14 سنة وتم إبلاغها أن الطفلة توفيت
لكن قلب الأم كان يشعر أن طفلتها ما زالت حية
لاحظت الأم الشبه بينها وبين حنان في أحد الفيديوهات
أخبر الشاب حنان بأن والدته تعتقد أنها ابنتها
تأثرت حنان بشدة، وأوقفت البث المباشر وانقطعت عن متابعيها عدة أيام
التحقيق والتأكد من الحقيقة
تواصلت حنان مع عمر ووالدته
أجرت فحص الحمض النووي (DNA) لتأكيد صلة النسب
أثبتت التحاليل أنها بالفعل ابنتهم المفقودة منذ 44 عامًا
عادت حنان للبث وأعلنت الخبر وسط دموع الفرح والتأثر
أكدت أن لها عائلة بيولوجية من دمها وتشبهها شكلا وروحا
لحظة اللقاء في مطار القاهرة
في 29 مايو 2025 وقفت حنان تنتظر وصول والدتها لأول مرة، تجمع الأصدقاء وبعض أفراد الأسرة في مطار القاهرة، حيث أن لحظة خروج الأم من صالة الوصول كانت تاريخية
عناق دام طويلًا وسط دموع الفرح والزغاريد
قصة حنان المقوب واحدة من تلك القصص التي تؤكد أن الحقيقة قد تكون أغرب من الخيال، وأن اللقاء مهما تأخر قد يحمل في طياته فرحًا يُنسي مرارة السنوات، حنان المقوب لم تكن فقط إعلامية بارعة بل أصبحت رمزًا للأمل والصبر والإرادة، وقصتها تظل محفورة في وجدان كل من تابع لحظات لم الشمل بعد 44 عامًا من الفقد والحرمان، لتكون شاهدًا على أن الحنين لا يموت، وأن دم العائلة لا يُنسى.