شهدت محافظة الإسكندرية فجر السبت 31 مايو 2025، واحدة من أشد موجات الطقس العنيفة في تاريخها الحديث، تمثلت في عاصفة مطرية شديدة مصحوبة بتساقط غير مسبوق للثلوج، ورياح قوية، وسيول أدت إلى تضرر البنية التحتية، وانقطاع الكهرباء، ومحاصرة المواطنين داخل سياراتهم. وفي مواجهة هذه الكارثة المناخية، كان الهلال الأحمر المصري من أوائل الجهات التي تحركت بسرعة وفعالية في شوارع المدينة، حيث لعب دورًا محوريًا في الإنقاذ والإغاثة وإزالة آثار العاصفة.
جهود إنقاذ وإزالة آثار العاصفة الثلجية في الإسكندرية: الهلال الأحمر في الصفوف الأولى
بمجرد بدء العاصفة عند الساعة الثانية صباحًا، أعلن فرع الهلال الأحمر المصري بالإسكندرية رفع حالة الاستعداد القصوى، مستنفرًا كل الفرق التطوعية والكفاءات البشرية وتم توجيه ثلاث فرق استجابة سريعة إلى المناطق المتضررة، لتبدأ على الفور عمليات الإنقاذ والمساعدة.
وكانت الفرق الميدانية على درجة عالية من الجاهزية والتدريب، حيث تعاملت خلال الساعات الأولى مع 24 بلاغًا لمركبات ومواطنين عالقين في مناطق متفرقة من المدينة؛ وأسفرت التدخلات عن إنقاذ 34 شخصًا كانوا محاصرين داخل سياراتهم وسط السيول، في ظروف جوية صعبة وغير آمنة.
دعم وتنسيق من وزارة التضامن الاجتماعي
تابعت الدكتورة مايا مرسي، وزيرة التضامن الاجتماعي ونائب رئيس الهلال الأحمر المصري، الموقف لحظة بلحظة، مؤكدة أن جميع الإمكانيات متاحة لتقديم الدعم الكامل لأهالي الإسكندرية كما تم توجيه فرق الطوارئ إلى المناطق الأكثر تضررًا لتقديم الدعم الإنساني الأولي، وتقييم الاحتياجات العاجلة، وتوفير مساعدات الإيواء والغذاء.
وتم تفعيل الخط الساخن 15322 لتلقي بلاغات المواطنين على مدار الساعة، إلى جانب التنسيق عبر منصات التواصل الاجتماعي لتوجيه الفرق الميدانية إلى نقاط الاحتياج الفعلي.
إزالة الثلوج ومعالجة آثار العاصفة
من الظواهر غير المعتادة التي شهدتها المدينة هي تساقط الثلوج بكثافة على بعض المناطق، في مشهد نادر الحدوث في مدينة متوسطية مثل الإسكندرية وقد استجابت فرق الهلال الأحمر بالتعاون مع فرق الإنقاذ المحلية وشركات النظافة العامة لعملية إزالة الثلوج وتيسير حركة السير في الشوارع التي غطتها الثلوج والمياه.
شملت أعمال الإزالة استخدام معدات خفيفة ومتوسطة، إلى جانب المساعدة اليدوية من المتطوعين الذين تواجدوا بكثافة في الأحياء المتضررة كما جرى العمل على فتح ممرات للطوارئ، وتسهيل وصول سيارات الإسعاف والإغاثة إلى المستشفيات والمراكز الطبية.
استمرار التقلبات الجوية وتحذيرات السلامة
بحسب هيئة الأرصاد الجوية ومركز عمليات الطوارئ التابع للهلال الأحمر، فإن حالة عدم الاستقرار الجوي استمرت حتى مساء السبت، مع احتمالية لهطول أمطار غزيرة على فترات متقطعة ومن المتوقع أن تبدأ الأجواء بالتحسن التدريجي ابتداءً من صباح الأحد 1 يونيو 2025، مع استمرار اضطراب البحر حتى نهاية اليوم.
وفي ظل هذه الظروف، أطلق الهلال الأحمر نداءً إلى سكان الإسكندرية بضرورة الالتزام بإرشادات السلامة، وتجنب المجازفة بالسير في الطرق المنخفضة أو تلك التي تشهد تجمعات مياه، والتواصل مع غرفة العمليات المركزية في حال حدوث أي طارئ.
تقييم أولي للأضرار
تسببت العاصفة في أضرار مادية جسيمة، شملت تضرر عشرات المنازل والمحال التجارية، وانقطاع التيار الكهربائي في العديد من المناطق، حيث تم تسجيل 21 بلاغًا بانقطاع الكهرباء حتى صباح السبت؛ كما تأثرت البنية التحتية لشبكة الطرق، وتم إغلاق بعض الأنفاق مؤقتًا بفعل تجمع المياه.
وقد تم التنسيق بين الهلال الأحمر، والمحافظة، وشركة الكهرباء، وهيئة النقل، لإعادة تشغيل الخدمات الأساسية، والعمل على إزالة العوائق أمام حركة المواطنين.
دروس مستفادة واستعدادات مستقبلية
ما حدث في الإسكندرية يُعد تذكيرًا قويًا بضرورة تعزيز البنية التحتية للمدن الساحلية، وزيادة الاستثمارات في نظم الإنذار المبكر والتخطيط لمواجهة الكوارث الطبيعية؛ كما أبرز الحدث أهمية دور المجتمع المدني والمنظمات الإنسانية، وفي مقدمتها الهلال الأحمر، في توفير الدعم الفوري خلال الأزمات.
وعلى المدى القريب، تحتاج المدينة إلى خطة متكاملة لإعادة التأهيل، تشمل إصلاح الأضرار، وتقديم الدعم للمتضررين، ومراجعة خطط الطوارئ الحالية لتكون أكثر فعالية في مواجهة الظواهر المناخية المتطرفة التي قد تتكرر مستقبلاً.