شهدت مصر مؤخرًا حالة من الطقس المتقلب والعنيف، لا سيما على السواحل الشمالية مثل مرسى مطروح والإسكندرية، وامتدت تأثيراته حتى مناطق من دلتا النيل، وسط تساؤلات المواطنين عن أسباب هذا التغير المفاجئ في الأجواء.
انفجارات شمسية نادرة ومنخفضات جوية عنيفة.. ما سر التقلبات المناخية المفاجئة في مصر؟
وقد قدّم الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، تحليلًا علميًا شاملًا يربط بين هذه الظواهر الجوية ونشاط شمسي غير معتاد، مما يسلط الضوء على علاقة الفضاء بالمناخ الأرضي.
منخفض جوي نشط من الشمال الغربي
بحسب تصريحات الدكتور شراقي، فإن منخفضًا جويًا قادمًا من شمال غرب البحر المتوسط هو المسؤول المباشر عن حالة عدم الاستقرار الجوي الراهنة، والتي بدأت من مرسى مطروح، ثم امتدت إلى الإسكندرية، وتتجه تدريجيًا نحو وسط وشمال الدلتا مع تقدم ساعات اليوم.
وأوضح أن هذا النوع من المنخفضات يُعد أمرًا معتادًا في منطقة حوض البحر المتوسط، ويتكرر بانتظام خلال فصول الانتقال بين الشتاء والربيع أو الخريف إلا أن الحالة الحالية تختلف من حيث الحدة والسرعة والتقلبات المصاحبة.
النشاط الشمسي.. لاعب جديد في المعادلة
اللافت في تصريحات الدكتور شراقي هو الربط بين حالة الطقس الحالية والانفجارات الشمسية الأخيرة التي شهدتها الشمس خلال يومي 30 و31 مايو.
ووفقًا له، فقد تم رصد انفجارات شمسية من النوع M، وهي تصنف ضمن الانفجارات المتوسطة القوة، لكن ما حدث صباح السبت كان من النوع M9، وهي أقرب ما تكون إلى الدرجة القصوى في هذا التصنيف، وقد استمرت أربع ساعات متواصلة في ظاهرة نادرة الحدوث.
وتلتها انفجارات إضافية بنفس القوة، ما يشير إلى أن الأرض تتعرض حاليًا لموجات من الأشعة والجسيمات الشمسية عالية الطاقة، والتي قد تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على الغلاف الجوي والمجالات المغناطيسية.
ما العلاقة بين الانفجارات الشمسية والطقس؟
يشرح الخبراء أن الانفجارات الشمسية تطلق رياحًا شمسية مشحونة، وعند وصولها إلى الأرض بعد ساعات أو أيام (اعتمادًا على سرعتها)، يمكن أن تُحدث:
- اضطرابات في الغلاف الجوي العلوي.
- تغير في الضغط الجوي الذي يؤثر بدوره على تشكّل السحب وهطول الأمطار.
- زيادة حدة المنخفضات الجوية أو عدم استقرار الأنظمة المناخية القائمة.
- كما يُعتقد أن النشاط الشمسي يؤثر على التيارات النفاثة في طبقات الجو العليا، مما يغيّر مسارات العواصف والمنخفضات الجوية.
دورة شمسية نشطة ومناخ متقلب
الانفجارات الحالية تأتي ضمن الدورة الشمسية الخامسة والعشرين، التي بدأت في نوفمبر 2019 وستستمر حتى 2030، مع توقعات ببلوغ ذروتها خلال عامي 2024 و2025.
وبالفعل، بدأت الأرض في رصد ظواهر مناخية غير مسبوقة خلال هذه الفترة:
- أمطار غزيرة في مناطق جافة مثل توشكى وشرق العوينات.
- ارتفاعات كبيرة في درجات الحرارة في غير مواسمها.
- اشتداد موجات البرد أو الحر بشكل مفاجئ.
عوامل فضائية وجوية متشابكة
التحليلات العلمية الجديدة تؤكد أن ما يحدث اليوم من تقلبات مناخية سريعة ليس فقط نتاج التغير المناخي الأرضي الناتج عن النشاط البشري، بل هناك دور متزايد لـ العوامل الفضائية، وعلى رأسها النشاط الشمسي المتصاعد.
هذه العوامل كلها تجعل من رصد الفضاء ومتابعة دورات الشمس أمرًا ضروريًا لفهم وتوقّع سلوك المناخ، خاصة في منطقة مثل حوض البحر المتوسط التي تُعد من أكثر المناطق حساسية وتأثرًا بالتغيرات الجوية.