استيقظت محافظة الإسكندرية، فجر يوم السبت 31 مايو 2025، على مشهد مروّع لم تعتده المدينة في مثل هذا الوقت من العام؛ عواصف رعدية قوية، أمطار غزيرة وثلجية، رياح عاتية، وسيول جارفة أدت إلى شلل مروري تام وغرق أنفاق حيوية، وانهيار منزل وسقوط أعمدة إنارة، مما استدعى تحركًا عاجلًا من الجهات التنفيذية وتأجيل الامتحانات الجامعية حفاظًا على سلامة الطلاب.
الإسكندرية تغرق في الفجر.. عواصف رعدية وسيول تشل المدينة وتؤجل الامتحانات
من أبرز مظاهر الكارثة التي شهدتها المدينة، غرق نفق سيدي بشر بالكامل، حيث تم رصد توكتوك عالق داخل النفق وسط المياه المتراكمة كما شهد نفق جمال عبد الناصر غرقًا كاملاً، ما تسبب في توقف حركة المرور تمامًا في هذه المناطق الحيوية، وسط محاولات مستمرة من فرق الإنقاذ لشفط المياه وفتح الطرق.
المواطنون أعربوا عن صدمتهم من حجم الفوضى التي تسببت بها الأمطار والسيول المفاجئة، حيث لم يتمكن كثير منهم من الوصول إلى أعمالهم أو قضاء حوائجهم اليومية، بسبب غلق الطرق أو تعطل وسائل النقل.
توقف الملاحة وإغلاق الطريق الصحراوي
لم تقتصر تداعيات الطقس السيئ على داخل المدينة فقط، بل امتدت إلى الميناء البحري، حيث تم الإعلان عن توقف حركة الملاحة تمامًا نتيجة ارتفاع الأمواج وسرعة الرياح التي بلغت 50 كم/ساعة، بحسب ما أفادت هيئة الأرصاد الجوية.
كما أعلنت الجهات المختصة إغلاق الطريق الصحراوي الرابط بين الإسكندرية والمحافظات الأخرى، بسبب انخفاض الرؤية الناجم عن الأمطار والرياح، وتراكم المياه على الطريق، مما شكل خطرًا على حركة المركبات.
انهيار منازل وسقوط أعمدة إنارة
في مشهد مأساوي، أدى انهيار أحد المنازل في منطقة رمل ثاني نتيجة تدفق السيول إلى سقوط أجزاء من العقار على منزل مجاور مكون من دور أرضي، ما تسبب في سقوط سقف المنزل المجاور وأجزاء من عقار آخر في شارع تانيس بمنطقة سبورتنج.
رغم الحادث الأليم، تمكّن أهالي المنطقة من إنقاذ سيدتين مسنتين كانتا عالقتين داخل المنزل المنهار، وتم نقلهما إلى المستشفى لتلقي الرعاية الطبية كما سقطت أعمدة إنارة في منطقة ميامي على الكورنيش، مما أثار مخاوف من حدوث تماس كهربائي أو حرائق، إلا أن فرق الطوارئ تدخلت بسرعة.
تعليق الدراسة وتأجيل امتحانات جامعة الإسكندرية
في ظل هذه الأوضاع غير المستقرة، قرر مجلس جامعة الإسكندرية، برئاسة الدكتور عبد العزيز قنصوه، تأجيل جميع الامتحانات التي كانت مقررة ليوم السبت 31 مايو، في كافة الكليات والمعاهد، على أن يتم تحديد موعد جديد لها بعد إجازة عيد الأضحى.
جاء القرار حرصًا على سلامة الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والعاملين، خاصة في ظل صعوبة الوصول إلى مقرات الامتحانات، وتوقف وسائل النقل في عدد كبير من مناطق المدينة.
توقعات الأرصاد وتحذيرات رسمية
أوضحت الهيئة العامة للأرصاد الجوية أن حالة عدم الاستقرار ستستمر خلال يوم السبت، مع تساقط أمطار تبدأ خفيفة ثم تتحول إلى متوسطة الشدة، وقد تكون رعدية على فترات كما توقعت استمرار اضطراب حركة الملاحة البحرية في البحر المتوسط بسبب الرياح القوية وارتفاع الأمواج.
وأشارت الأرصاد إلى أن الطقس سيظل مائلًا للحرارة شمالًا، وحارًا إلى شديد الحرارة جنوبًا، فيما تتسم الأجواء الليلية بالاعتدال، لا سيما في ساعات الصباح الباكروتوقعت الهيئة سقوط أمطار خفيفة إلى متوسطة على السواحل الشمالية وشمال الوجه البحري، مع احتمالية امتدادها إلى جنوب الوجه البحري.
ردود فعل وغضب شعبي
تسبب عدم صدور تحذيرات مبكرة من هيئة الأرصاد في موجة من الانتقادات والغضب بين المواطنين، الذين فوجئوا بهذه الكارثة الجوية دون سابق إنذار واعتبر كثيرون أن غياب التنسيق المسبق بين الجهات المعنية زاد من حجم الأضرار.
كما طالب المواطنون بضرورة تحسين منظومة التصريف في المدينة، التي تشهد مع كل موجة أمطار حالة من الشلل، مشيرين إلى أن الإسكندرية لا يمكن أن تظل رهينة للأزمات المناخية دون حلول جذرية.
تعكس موجة الطقس التي ضربت الإسكندرية، بشكل مباغت، واقعًا مناخيًا جديدًا لم تعد فيه الفصول ثابتة ولا الظواهر الجوية متوقعة بدقة كما تؤكد على الحاجة العاجلة إلى خطط طوارئ أكثر كفاءة، وبنية تحتية تتعامل مع التغيرات المناخية المتزايدة، في مدينة ساحلية تمثل وجهًا حضاريًا وتاريخيًا لمصر.
وفي انتظار تحسن الأحوال الجوية، تبقى الأولوية القصوى حاليًا لضمان سلامة السكان، وإعادة فتح الطرق، وإنقاذ المتضررين، وسط آمال بعدم تكرار مثل هذه الكارثة في المستقبل القريب.