بعد ثمانية أشهر من القطيعة والتصريحات المتبادلة، أسدل الستار أخيرًا على واحدة من أبرز أزمات الكرة المصرية في الفترة الأخيرة، بين نجم وسط الأهلي إمام عاشور والمدير الفني لمنتخب مصر حسام حسن أزمة بدأت باستبعاد، وتفاقمت بتصريحات، وانتهت باعتذار رسمي من اللاعب، وقبول من الجهاز الفني لعودة محتملة إلى كتيبة "الفراعنة".
تعود جذور الأزمة إلى سبتمبر 2024، حين قرر حسام حسن استبعاد إمام عاشور من معسكر منتخب مصر بعد مغادرته بداعي الإصابة، ليتفاجأ الجميع بظهور اللاعب في تدريبات الأهلي بعد ذلك بأيام، وهو ما اعتبره المدير الفني سلوكًا غير احترافي، ووصفه بأنه "تمارض" و"ادعاء للإصابة".
وفي مارس الماضي، تحدث حسام حسن لأول مرة بشكل مباشر عن الواقعة، مؤكدًا أن قرار استبعاد عاشور كان انضباطيًا بحتًا، وموضحًا أن عودته مرهونة بـ"الاعتذار للشعب المصري"، مشيرًا إلى أن اللاعب "أمسك بقدمه وادعى الإصابة، ثم شارك بعدها بيومين مع فريقه بشكل طبيعي".
الأزمة أخذت منحى أكثر حدة بعد تصريح مثير للجدل من عاشور، خلال لقاء مع قناة أبوظبي الرياضية عقب نهائي كأس السوبر المصري، حين قال ردًا على كونه نجمًا في منتخب مصر: "لا، إمام عاشور نيجيري مش مصري"، في تصريح فُسر على نطاق واسع على أنه تهكم ورفض للانتماء بعد تكرار استبعاده من المنتخب.
التصريح لاقى انتقادات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، واعتبره البعض تجاوزًا للحدود، في حين رأى آخرون أنه مجرد انفعال من لاعب يشعر بالظلم وسوء الفهم، خاصة بعد أن كان عنصرًا أساسيًا في صفوف المنتخب.
لكن وفي تطور مفاجئ، أعلن إمام عاشور عبر حسابه الرسمي على "إنستغرام"، عن طي صفحة الخلاف، وكتب: "بستغل الفرصة دي وأكد احترامي وتقديري للجهاز الفني لمنتخب مصر والكابتن حسام حسن والكابتن إبراهيم حسن.. ودائمًا في خدمة منتخب مصر".
البيان جاء مختصرًا لكنه حمل دلالات قوية على استعداد اللاعب لفتح صفحة جديدة، وتغليب مصلحة المنتخب على الخلافات الشخصية، ما دفع المدير الفني حسام حسن وشقيقه إبراهيم للرد برسائل إيجابية مماثلة، حيث أعلنا في تصريحات صحفية ترحيبهما بعودة اللاعب، مؤكدين أن هدفهما الأول هو مصلحة منتخب مصر وعودته لمنصات التتويج.
اللافت أن هذا الاعتذار جاء بعد أيام من توجيه عاشور رسالة تحفيزية إلى النجم العالمي ليونيل ميسي، قبل المواجهة المرتقبة بين الأهلي وإنتر ميامي الأمريكي في كأس العالم للأندية، قال فيها: "إحنا جايين يا ميسي"، وهو ما يعكس تحولًا كبيرًا في عقلية اللاعب، وسعيه لاستعادة صورته الذهنية كأحد أبرز نجوم الكرة المصرية.
بعد الاعتذار العلني وترحيب الجهاز الفني، تبدو عودة إمام عاشور إلى قائمة منتخب مصر مسألة وقت فقط، خاصة أن الفريق يستعد لاستكمال مشواره في التصفيات المؤهلة لكأس العالم، بالإضافة إلى كأس العرب القادمة، حيث تم الإعلان عن مشاركة منتخب مصري بقيادة فنية وطنية.
وفي حال عودته، سيكون عاشور إضافة فنية كبيرة، خاصة في ظل خبراته الدولية، وقدرته على اللعب في أكثر من مركز وسط الملعب والهجوم.
تمثل هذه الأزمة التي انتهت باعتذار وقبول درسًا مهمًا في العلاقة بين النجوم والإدارة الفنية للمنتخبات. فبين الطموح والالتزام، تبقى الروح الرياضية والانضباط أساسًا لا غنى عنه في كرة القدم.
إمام عاشور، رغم موهبته الكبيرة، أثبت في النهاية أنه قادر على التراجع عن موقفه متى أدرك أن الأمر يخص مصلحة أكبر. أما حسام حسن، فظهر أكثر مرونة مما توقّع البعض، حين قرر قبول الاعتذار دون أن يجعل من المسألة صراع كرامات.