أدت مساجد جمهورية مصر العربية، اليوم الجمعة 30 مايو 2025، خطبة موحدة صادرة عن وزارة الأوقاف المصرية، تضمنت موضوعين رئيسيين، حيث كانت الخطبة الأولى بعنوان "فضائل عشر ذي الحجة"، وتركزت الخطبة الثانية، بحسب توجيه الوزارة، إما على التحذير من الانتحار أو التحذير من المخدرات في إحدى المحافظات فقط.

 

خطبة الجمعة في مصر.. فضائل عشر ذي الحجة وتحذير من المخدرات والانتحار

ويأتي ذلك ضمن توجه وزارة الأوقاف نحو معالجة القضايا الدينية والاجتماعية في إطار شمولي موحد، يراعي المواسم الدينية، ويستجيب للتحديات المجتمعية المتجددة.

 

الخطبة الأولى: فضائل عشر ذي الحجة

استهل الخطباء خطبهم بالتذكير بعظمة العشر الأوائل من شهر ذي الحجة، باعتبارها من أفضل أيام العام، والتي أقسم الله بها في القرآن الكريم: {والفجر * وليال عشر} وأوضح الخطباء أن هذه الأيام المباركة تمثل موسمًا روحانيًا فريدًا يتجلى فيه العطاء الإلهي، حيث تُفتح أبواب الرحمة والمغفرة، وتتضاعف فيها الحسنات، ويُستحب فيها الإكثار من الطاعات، لا سيما الصلاة والصيام والصدقة والذكر والحج لمن استطاع إليه سبيلا.

 

وأكدت الخطبة أن يوم عرفة من أعظم أيام هذه العشر، لما فيه من اجتماع الحجيج على صعيد واحد، وابتهالهم إلى الله بالدعاء، وهو يوم يُعتق فيه الكثير من النار وتُغفر فيه الذنوب، وهو مقدمة ليوم النحر، الذي تجسد فيه معاني الفداء والتضحية.

 

ودعت الخطبة المصلين إلى الاستثمار الأمثل لهذه الأيام من خلال الإكثار من الذكر، وصلة الأرحام، وتقديم الصدقات، وإحياء السنن النبوية، وتجديد العهد مع الله، انطلاقًا من الحديث النبوي الشريف: "ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر...".

 

الخطبة الثانية: الانتحار يأس من رحمة الله (في جميع المحافظات عدا واحدة)

تناولت الخطبة الثانية في معظم المحافظات قضية الانتحار باعتبارها من الظواهر الخطيرة التي تتناقض مع القيم الدينية والإنسانية وأوضحت الخطبة أن الروح وديعة من الله لا يجوز التعدي عليها، مستندة إلى قوله تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما}.

 

ودعت الخطبة إلى التعامل مع الضغوط النفسية بالحكمة والوعي، وتأكيد أن طلب المساعدة ليس ضعفًا بل دليل وعي وشجاعة وقد وجه الخطباء رسالة خاصة إلى من تسلل إلى قلبه اليأس، مؤكدين أن أبواب الأمل والتوبة مفتوحة، وأن الله لا يضيع عباده الصادقين، مستشهدين بقول الله تعالى: {ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون}.

 

كما شددت الخطبة على أهمية التواصل الأسري والمجتمعي لمساندة من يمرون بأزمات نفسية، داعية إلى تكثيف الوعي في البيوت والمدارس ووسائل الإعلام لمواجهة هذه الظاهرة.

 

الخطبة الثانية في محافظة واحدة: التحذير من المخدرات ورسالة إلى مدمن

في محافظة واحدة فقط، خصصت وزارة الأوقاف الخطبة الثانية للحديث عن آفة المخدرات، محذرة من آثارها المدمرة على الفرد والمجتمع. وأشارت الخطبة إلى أن المخدرات تفسد العقل وتفقد الإنسان كرامته وتدفعه إلى ارتكاب الجرائم أو الانعزال عن الواقع، مشبهة المتعاطي بأنه "أسير للوهم"، يعيش في "سعادة زائفة تنتهي بمرارة ندمٍ وضياع".

 

وأكد الخطباء أن المخدرات تهدد مستقبل الشباب وتُضعف الأمة، مشيرين إلى الحديث النبوي الشريف: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر".

 

ووجهت الخطبة رسالة أمل إلى المدمنين، بأن باب التوبة لا يُغلق، وأن العودة إلى الله ممكنة في كل حين، وأن طلب العلاج والنجاة من الإدمان شجاعة لا ضعف، داعية إلى التكاتف المجتمعي في دعم المدمنين للتعافي لا لوصمهم.

 

خطة وزارة الأوقاف: الدين في خدمة القضايا المجتمعية

يأتي هذا التنوع في موضوعات خطب الجمعة ضمن خطة وزارة الأوقاف لتعزيز الدور التوعوي للمساجد، ومعالجة قضايا اليأس، الإدمان، ضعف الوازع الديني، والانحرافات السلوكية بأسلوب علمي وديني متوازن؛ كما تسعى الوزارة إلى توظيف المنابر الدينية في حماية النشء، وتعزيز الانتماء والوعي بالحقوق والواجبات، في إطار مشروع "الخطاب الديني العصري" الذي تنفذه منذ عدة سنوات.