في مفارقة محيرة، تستضيف القاهرة الأسبوع المقبل سبعة من أقوى منتخبات كرة القدم العالمية للشباب، في دورة ودية استعدادية لكأس العالم للشباب المقرر إقامته قريبًا في تشيلي، وتشمل منتخبات بحجم البرازيل وكولومبيا وأمريكا، ومع ذلك لم نر أي ترويج حقيقي لهذا الحدث، لا إعلامياً ولا تسويقياً، وكأن وجود هذه الفرق الكبيرة لا يستحق الاهتمام أو الاستثمار.

 

ما حدث هو انعكاس مؤسف لواقع مؤلم؛ نحن نملك منشآت رياضية على أعلى مستوى، بشهادة الجميع، وحققنا طفرة حقيقية في البنية التحتية الرياضية، لكننا فشلنا في تحويل هذه الصروح إلى مصادر حقيقية للعائد الاقتصادي والسياحي.

 

لا توجد خطة واضحة للاستفادة من الأحداث الرياضية الكبرى، ولا رغبة حقيقية في جذب المعسكرات والبطولات أو حتى تقديم تسهيلات منطقية للشركات التي تحاول الاستثمار في هذا المجال.

 

في الوقت الذي تتنافس فيه دول مثل تركيا وتونس والإمارات على اجتذاب الأندية والمنتخبات العالمية، نجد في مصر صعوبات بيروقراطية ورسومًا مبالغًا فيها تحول دون أي استفادة حقيقية من الزخم الرياضي الموجود.

 

وكأن هناك من يتعمد طرد "العملة الصعبة" بدلًا من جذبها، ولا نجد تفسيرًا واضحًا لذلك سوى غياب الرؤية والتنسيق بين الجهات المختلفة.

 

ما يثير الحزن أكثر هو أن بطولة دولية كهذه تُنقل عبر سبع قنوات عالمية، فيما لم يُذكر عنها شيء في وسائل الإعلام المحلية.

 

لا بيان رسمي، لا مؤتمر صحفي، ولا حتى تنويه بسيط في نشرات الأخبار الرياضية. الأمر لا يتعلق فقط بكرة القدم، بل هو فرصة ذهبية للترويج للسياحة ولإبراز صورة مصر كدولة قادرة على استضافة أحداث كبرى، لكننا كالعادة نضيع الفرص ونتعامل باستخفاف مع ما يفعله العالم من حولنا.

 

أما الحديث عن اليوم العالمي للدراجات، فقد كشف فصلاً آخر من فصول سوء الإدارة وهدر المال العام، فبدلًا من دعم الفكرة بروح رياضية وتثقيفية، فوجئنا بإجبار مراكز الشباب على استئجار دراجات بمبالغ وصلت إلى 2750 جنيهًا للمركز الواحد.

 

أي منطق هذا؟ وأي مردود ننتظره من تبديد ميزانيات تلك المراكز على فعاليات غير مدروسة؟ الأسوأ أن تصل الأمور إلى رسائل تهديد ووعيد للمسؤولين عن المراكز وكأننا في ساحة صراع وليست ساحة رياضة وتنمية.

 

الحديث لا يتوقف هنا، فهناك من يفرض على هذه المراكز أيضًا توفير شباب لتشجيع فريق معين في نهائي بطولة قارية، وكأنهم موظفون في خدمة مصالح نادي بعينه.

 

لا أحد ضد أي فريق، لكن حين تصبح الأمور مفروضة ومجيرة لصالح طرف دون الآخر، تصبح المشكلة أخلاقية قبل أن تكون إدارية.

 

مطلوب إعادة تقييم شاملة لكل ما يحدث، ومطلوب قبل كل شيء أن نفكر كيف نحول الإمكانيات إلى نتائج، وكيف نجعل من الأحداث فرصًا حقيقية للتطوير، وليس مجرد لافتات نمر بها مرور الكرام.