تُعد الأيام العشر الأولى من شهر ذي الحجة من أعظم الأيام في السنة الهجرية، لما تحمله من مكانة عظيمة عند الله سبحانه وتعالى، وتجمع فيها أمهات العبادات التي أمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، من صلاة وصيام وصدقة وحج، فضلًا عن النفحات الربانية التي تنزل فيها، مما يجعلها فرصة ثمينة للمؤمنين للاغتنام والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى. في هذا المقال، سنتحدث عن فضائل هذه الأيام وأهم العبادات التي تستحب فيها، مستدلين بأقوال العلماء وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي بيّنت عظم فضلها.
مكانة الأيام العشر من ذي الحجة في الإسلام
قال الدكتور صفوت محمد عمارة، من علماء مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، إن الله سبحانه جعل لعباده مواسم للطاعات تتضاعف فيها الحسنات، وترفع فيها الدرجات، ويُغفر فيها كثير من المعاصي، ومن هذه المواسم العشر الأوائل من ذي الحجة، التي حثنا النبي صلى الله عليه وسلم على اغتنام نفحاتها، حيث قال: «افعلوا الخير دهركم، وتعرضوا لنفحات رحمة الله»، وهذا يدل على أهمية اغتنام هذه النفحات في كل وقت وخصوصًا في هذه الأيام المباركة، التي اشتملت على أمهات العبادات كلها.
يقول الإمام أبو حنيفة إن فضل الحج يعود لشموله على جميع العبادات، وهذا هو سر تميز أيام عشر ذي الحجة التي تجمع بين الصلاة والصيام والصدقة والحج، فلا يتوفر ذلك في غيرها من الأوقات، كما أن يوم عرفة فيها يعتبر من أعظم الأيام، حيث تُغفر فيه الذنوب وتعتق فيه الرقاب من النار.
الفرق بين العشر الأوائل من ذي الحجة وليالي رمضان
يرى العلماء أن نهار ذي الحجة أفضل من نهار رمضان بسبب مناسك الحج التي تُقام فيه، بينما ليل رمضان أفضل من ليل ذي الحجة بسبب فضل قيام الليل وقراءة القرآن فيه، خصوصًا ليلة القدر، وهي أفضل ليالي العام. لكن مع ذلك فإن الأيام العشر الأولى من ذي الحجة لها فضل كبير لأن الأجر فيها يتضاعف، كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: «ما العمل في أيام أفضل منها في هذه»، فأجر الأعمال الصالحة فيها أعظم من غيرها إلا الجهاد في سبيل الله.
العبادات المستحبة في العشر الأوائل من ذي الحجة
للعشر الأوائل من ذي الحجة عديد من العبادات التي يستحب الإكثار منها، منها:
-
الصلاة: الالتزام بالصلاة على أوقاتها، والحرص على النوافل.
-
الصيام: يستحب صيام هذه الأيام، خاصة صيام يوم عرفة الذي يكفر ذنوب سنتين كما ثبت في الحديث الصحيح.
-
الصدقة: الإكثار من الإنفاق في سبيل الله، لما له من أثر عظيم في رفع الدرجات.
-
ذكر الله: الإكثار من التكبير والتهليل والتحميد، كما أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم.
-
الحج: لمن أتيحت له الفرصة، فهو ركن عظيم من أركان الإسلام يُقام في هذه الأيام، ويجتمع فيها المسلمون من كل أنحاء العالم لعبادة الله.
أهم الفضائل التي تتحقق في هذه الأيام
-
التكبير والتهليل والتحميد: وهي أذكار يحبها الله ويُضاعف بها الأجر.
-
صيام يوم عرفة: حيث يُكفر سنة قبلها وسنة بعدها.
-
يوم عرفة: هو اليوم الأكبر للحج، ويُعتق فيه الكثير من الرقاب من النار، ويُباهي الله أهل السماء بأهل عرفة.
-
اجتماع أمهات العبادات في وقت واحد: مما يجعلها من أعظم مواسم الطاعات.
إن الأيام العشر من ذي الحجة هي أعظم أيام الدنيا لمكانة العبادات فيها وتضاعف الأجر، وهي فرصة ذهبية للمسلم لأن يكثر من الطاعات والذكر والصيام والصدقات، مستشعرًا عظمة هذه الأيام التي أقسم الله بها في كتابه العزيز، وتأمل فضلها العظيم في سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. فليحرص كل مؤمن على اغتنام هذه النفحات الربانية، ورفع درجاته، ومحو ذنوبه، والاقتراب من الله، في أعظم أيام السنة التي جعلها الله رحمة وعطاءً لعباده المخلصين.