غيب الموت الشيخ سيد سعيد، أحد أبرز قراء القرآن الكريم في مصر والعالم العربي، والمعروف بلقبه الشهير "سلطان القراء"، وذلك بعد مسيرة طويلة حافلة بخدمة كتاب الله وتلاوته بصوت تميز بالشجن والروحانية.

 

وقد نعاه عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي ومحبي تلاوة القرآن، مؤكدين أن وفاته تمثل خسارة كبيرة لعالم القراء والمقرئين، خصوصًا في وقت يحتاج فيه الناس إلى أصوات خاشعة ومخلصة مثل صوته.

 

بداية متواضعة في الدقهلية


ولد الشيخ سيد سعيد في إحدى قرى محافظة الدقهلية شمال مصر، وبدأ رحلته مع القرآن الكريم في سن السابعة، حيث أتم حفظه كاملًا في الكتاب دون أن يلتحق بأي معهد أزهري.

 

قال في إحدى مقابلاته القديمة: "قرأت للمرة الأولى في حفل صغير ببلدتي، وكان أجري 25 قرشًا، لكن لم يكن المال يومًا هدفي، كنت أقرأ حبًا في كلام الله".

 

بكل تواضع وصدق، حكى الشيخ عن بداياته التي لم تكن مبنية على البحث عن الشهرة أو الماديات، بل على الإخلاص في حب القرآن وتلاوته.

 

رغم أن بدايته كانت في قريته الصغيرة، فإن الانطلاقة الفعلية للشيخ سيد سعيد جاءت من قرية كفر سليمان البحري، التابعة لمركز فارسكور في محافظة دمياط.. "شعرت أنني وجدت بيتي الثاني هناك، الناس آمنوا بي، وشجعوني، ومن هناك بدأ صوتي ينتشر خارج حدود المحافظة".

 

وبالفعل، سرعان ما أصبح اسم الشيخ سيد سعيد مألوفًا في دمياط وما حولها، حتى بات حضوره مطلوبًا في كل مناسبة دينية، واستمرت تلك الشهرة حتى وصلت إلى عدد من الدول العربية لاحقًا.

 

تحدث الشيخ الراحل عن لحظة خاصة في حياته، قال إنها غيرت مساره المهني والروحي، عندما نصحه أحد كبار المشايخ بتوجيه صوته نحو الاحتراف الحقيقي والاتزان في الأداء

"قال لي: اقرأ بقلبك لا بحنجرتك، ومن يومها أصبحت أتلو القرآن بروحي قبل لساني".

 

وقد تمسك بتلك النصيحة طوال حياته، ما جعله واحدًا من أكثر القراء تميزًا في الأداء، من حيث الخشوع والوقار والصوت الهادئ المؤثر.

 

لم يكن الشيخ سيد سعيد من الأسماء التي سعت خلف الأضواء، لكنه ترك إرثًا صوتيًا خالدًا بين محبيه، من تسجيلات ومحافل دينية، وسيرته التي كان فيها نموذجًا للمقرئ المتواضع المخلص لكتاب الله.

 

رحل الشيخ سيد سعيد في صمت، لكن صوته سيظل يتردد في مسامع من عشقوا القرآن، وبصمته ستبقى في قلوب من سمعوه وتعلموا منه.