في إطار التحولات الإدارية والتنظيمية التي شهدتها المملكة العربية السعودية خلال السنوات الأخيرة، برزت هيئة الزكاة والضريبة والجمارك كأحد الكيانات الحكومية الأكثر ديناميكية وتأثيرًا في هيكل الاقتصاد الوطني.
وتأتي هذه الهيئة كمحصلة لدمج ثلاث جهات رئيسية، هي: الهيئة العامة للزكاة والدخل، والهيئة العامة للجمارك، والإدارة الضريبية، ضمن كيان موحد يتولى مهام الرقابة المالية والتحصيل وتنظيم الأنشطة ذات العلاقة بالزكاة والضرائب والجمارك.
تتجلى أهمية الهيئة من خلال الدور المحوري الذي تضطلع به في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030، ولا سيما فيما يتعلق بتنمية الإيرادات غير النفطية، ورفع كفاءة التحصيل، وضمان التزام المكلفين، إلى جانب تسهيل حركة التجارة وتنظيم المنافذ الحدودية وتعمل الهيئة على تطبيق الأنظمة بصرامة وعدالة، وفي ذات الوقت تسعى إلى تقديم خدمات ذكية ومبسطة للمواطنين والمستثمرين، اعتمادًا على أحدث التقنيات الرقمية.
تميزت هيئة الزكاة والضريبة والجمارك خلال الأعوام الماضية بقدرتها على استقطاب الكفاءات الوطنية الشابة والمؤهلة، مستفيدة من بيئة عمل حديثة تتسم بالتطوير المستمر، والاهتمام بتنمية الموارد البشرية، والتحول الرقمي، والتشجيع على الابتكار في الأداء وقد انعكس هذا التوجه في نوعية البرامج التدريبية التي توفرها الهيئة لموظفيها، إضافة إلى الدعم الذي تقدمه للحصول على الشهادات المهنية المتخصصة في مجالات المحاسبة، والضرائب، والإدارة الجمركية.
من أبرز الجوانب التي جعلت الهيئة وجهة مهنية مفضلة لدى العديد من الخريجين وأصحاب الخبرات هو سلم الرواتب الذي يتسم بالتنافسية حيث تعتمد الهيئة نظامًا خاصًا للرواتب يختلف عن السلم العام للخدمة المدنية، ما يمنحها مرونة في تقدير الأجور بناءً على المؤهل والتخصص ونوعية الوظيفة.
فالموظفون الجدد في الوظائف الفنية والإدارية يحصلون على رواتب شهرية تبدأ من 9,000 ريال سعودي، وتصل إلى 12,000 ريال، بينما يرتفع هذا الرقم إلى ما بين 14,000 و18,000 ريال للموظفين ذوي الخبرة المتوسطة، ويصل في المناصب القيادية إلى 30,000 ريال وأكثر، لا سيما في الإدارات التي تتطلب خبرات عالية أو تعمل على الخطوط الأمامية مثل المنافذ الحدودية.
إلى جانب الراتب الأساسي، يتمتع موظفو الهيئة بعدد من المزايا الإضافية، من بينها بدل سكن يعادل ثلاثة أضعاف الراتب الأساسي سنويًا، وبدل نقل، وتأمين طبي يشمل الأسرة، إضافة إلى مكافآت أداء سنوية، وإمكانية الحصول على ترقيات بناءً على الجدارة لا الأقدمية فقط كما يحصل العاملون في المواقع الميدانية، مثل المفتشين الجمركيين في المنافذ، على بدلات خاصة نظير طبيعة العمل والجهد المبذول في الرقابة.
تحرص الهيئة على تطبيق أعلى معايير العدالة والشفافية في إجراءات التوظيف والترقيات، حيث تعتمد بشكل كبير على نظم تقييم الأداء الفردي والمؤسسي، إلى جانب المسارات الوظيفية الواضحة التي تتيح للموظف أن يخطط لمسيرته المهنية وفق ضوابط ومعايير معلنة.
تولي الهيئة اهتمامًا خاصًا بالكوادر السعودية، حيث تم إطلاق عدد من البرامج النوعية لتأهيل القيادات الشابة، وتقديم الفرص للخريجين الجدد ضمن برامج تدريبية تؤهلهم للانخراط في العمل بشكل احترافي كما تشجع الهيئة على استكمال الدراسات العليا والتدريب الدولي لمن تثبت كفاءته، مما يجعلها من الجهات الحكومية الأكثر تطورًا في مجال إدارة الموارد البشرية.
تمثل هيئة الزكاة والضريبة والجمارك نموذجًا متقدمًا للمؤسسات الحكومية التي تتبنى رؤية واضحة، وتنفذ إستراتيجية تطويرية محكمة، وتوفر بيئة عمل محفزة تتسم بالعدالة والتكافؤ.
ولا شك أن الاهتمام برواتب الموظفين ومزاياهم يمثل حجر الزاوية في جهودها للاستثمار في الإنسان السعودي، بما يحقق تطلعات الدولة في بناء جهاز إداري كفء وفعال يدفع بعجلة التنمية قدمًا.