في ليلة كروية لا تُنسى على أرضية ملعب ويمبلي العريق بلندن، نجح نادي كريستال بالاس في كتابة فصل جديد ومشرق في تاريخه بتحقيقه لقب كأس الاتحاد الإنجليزي للمرة الأولى منذ تأسيسه، وذلك بعد فوز مستحق ومثير على العملاق الإنجليزي مانشستر سيتي بنتيجة 1-0، ضمن نهائي البطولة الأعرق على مستوى الأندية في إنجلترا.
حلم يتحقق بعد انتظار طويل
لطالما كان كريستال بالاس فريقًا يحلم بالتتويج في البطولات الكبرى، وبعد أكثر من قرن على تأسيسه، وفي ثالث ظهور له في نهائي كأس الاتحاد (بعد خسارتي 1990 و2016)، جاء الموعد المنتظر ليكتب اللاعبون وجماهير الفريق فصلاً استثنائياً من الفرح والفخر.
وجاء هدف المباراة الوحيد في الدقيقة 15 بأقدام المهاجم المميز إيبريشي إيزيه، بعد هجمة مرتدة سريعة بدأها الفرنسي جان-فيليب ماتيتا، اخترق بها دفاعات السيتي قبل أن يُمرر كرة ذكية إلى إيزيه، الذي لم يتردد في تسديدها داخل الشباك، معلنًا عن انطلاقة المجد لفريقه.
كتيبة غوارديولا تسقط رغم المحاولات
على الجانب الآخر، كان هذا النهائي فرصة للمدرب الإسباني بيب غوارديولا لمحاولة إنقاذ موسم صعب، بعد فقدان لقب الدوري الإنجليزي الممتاز، والخروج من دوري أبطال أوروبا. إلا أن الرياح جرت بما لا تشتهي سفن "السيتيزنس".
ورغم سيطرة مانشستر سيتي على مجريات اللعب في معظم فترات المباراة، إلا أن الصلابة الدفاعية لكريستال بالاس وتألق حارس المرمى دان هندرسون وقف حائلاً أمام كل محاولاتهم.
وكانت أبرز فرص السيتي في الدقيقة 35، حين تحصل برناردو سيلفا على ركلة جزاء بعد تدخل مدافع بالاس، لكن المصري عمر مرموش أهدرها بشكل غريب، حيث سدد الكرة بين يدي الحارس هندرسون، الذي أصبح لاحقًا بطل الليلة بلا منازع.
لم يكن دان هندرسون مجرد حارس عادي في النهائي، بل لعب دور البطولة المطلقة، بتصدياته الرائعة أمام كتيبة هجومية مرعبة ضمت أسماء مثل دي بروين، هالاند، مرموش، وأكانجي، حيث تصديات هندرسون لم تكن فقط تمنع الأهداف، بل كانت تُعطي الثقة والدافع لزملائه في الفريق للاستمرار في القتال حتى آخر لحظة.
وفي الدقيقة 60، كاد دانييل مونوز أن يضيف الهدف الثاني برأسية رائعة، لكن فرحة الفريق لم تكتمل، إذ ألغى الحكم الهدف بعد العودة لتقنية الفيديو "VAR"، لوجود تسلل على اللاعب.
الـ30 دقيقة الأخيرة من اللقاء كانت دراما خالصة، حيث ضغط مانشستر سيتي بكل ثقله من أجل تعديل النتيجة، لكن لاعبي كريستال بالاس قدموا أداء دفاعيًا بطوليًا، مزجوا فيه بين التنظيم والانضباط والروح القتالية، وكأنهم يُدافعون عن الحلم ذاته، لا مجرد شباك.
كل تدخل، وكل تغطية، وكل كرة مقطوعة كانت تمثل صرخة أمل للجماهير الحاضرة، التي لم تتوقف عن التشجيع طيلة اللقاء.
مع صافرة الحكم النهائية، انفجرت جماهير كريستال بالاس في مدرجات ويمبلي بالبكاء والفرح، وكان هذا التتويج أكثر من مجرد كأس، لقد كان تتويجًا لتاريخ طويل من المحاولات، والكفاح، والدعم الجماهيري المتواصل.
ورفع قائد الفريق الكأس الغالية وسط أجواء احتفالية نادرة للفريق اللندني، الذي تفوق على جميع التوقعات، وأسقط فريقًا يُعدّ من أقوى أندية العالم.
بهذا الإنجاز، أصبح كريستال بالاس أحد الأندية التي تركت بصمتها في سجل الكأس الأغلى في إنجلترا، وقد يُمثّل هذا التتويج نقطة انطلاق جديدة للفريق على مستوى الطموحات والاستثمارات والمكانة الجماهيرية.
وربما يحمل المستقبل القريب مفاجآت أخرى لفريق بدأ يعتاد على كسر التوقعات، ومنافسة الكبار بروح الفريق والتكتيك العالي.
نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي 2025 كان بكل المقاييس ليلة مجنونة، حيث سقطت الأسماء الكبيرة وارتفعت القلوب المقاتلة، ليلة أثبتت فيها كرة القدم أنها لا تعترف فقط بالمال أو النجوم، بل بالمجهود والإصرار والإيمان بالحلم.