شهد السير جيم راتكليف، الشريك المالك لنادي مانشستر يونايتد وأحد أبرز رجال الصناعة في بريطانيا، تراجعًا كبيرًا في ثروته الشخصية خلال العام الماضي، بعدما خسر أكثر من 6.4 مليار جنيه إسترليني، أي ما يعادل أكثر من ربع ثروته، وفقًا للقائمة السنوية للأثرياء الصادرة عن صحيفة صنداي تايمز.

 

جيم راتكليف يخسر ربع ثروته.. ومانشستر يونايتد في قلب العاصفة المالية

انخفضت ثروة راتكليف، البالغ من العمر 72 عامًا، من 23.519 مليار جنيه إسترليني إلى 17.046 مليار جنيه إسترليني خلال 12 شهرًا فقط، مما أدى إلى تراجعه من المركز الرابع إلى السابع في قائمة أغنى 350 شخصًا في المملكة المتحدة.

 

ويعود هذا التراجع إلى ضغوط متعددة تواجهها مجموعة إينيوس للبتروكيماويات، التي يمتلكها راتكليف، في ظل تحديات اقتصادية واسعة في أوروبا، على رأسها ارتفاع تكاليف الطاقة والضرائب الكربونية، وتراجع تنافسية الصناعات الثقيلة في القارة.

 

صفقة مانشستر يونايتد.. استثمار تحت المجهر

رغم هذه الخسائر الضخمة، لم يتردد راتكليف في الدخول في واحدة من أبرز الصفقات الرياضية في 2024، عندما استحوذت مجموعة إينيوس على حصة 27.7% في مانشستر يونايتد في فبراير الماضي، مقابل نحو 1.25 مليار جنيه إسترليني، وتولت بموجبها الإدارة الكاملة للعمليات الكروية في النادي العريق.

 

الصفقة أعادت الآمال إلى جماهير النادي بشأن بناء مشروع جديد قادر على إعادة مانشستر يونايتد إلى منصات التتويج، لكنها أيضًا أثارت سلسلة من الانتقادات والجدل، بعد تنفيذ قرارات مالية اعتُبرت غير شعبية.

 

قرارات "مؤلمة" لإنقاذ النادي

من بين القرارات التي أثارت غضب الجماهير، إعلان النادي عن جولتين من تسريح الموظفين، بالإضافة إلى رفع أسعار التذاكر الموسمية، في خطوة قوبلت بانتقادات حادة من المشجعين والجماعات الداعمة للنادي.

 

راتكليف دافع عن هذه الإجراءات، وفي مقابلة مطولة مع "بي بي سي" في مارس، قال إن النادي كان مهددًا بالإفلاس أو "نفاد السيولة" بنهاية العام إن لم يتم اتخاذ خطوات مالية حازمة.

 

وقال بالحرف:"لقد قمنا بإجراءات غير شعبية لكنها ضرورية. مانشستر يونايتد كان يعاني من سوء إدارة مالية واضحة".

 

حلم الملعب الجديد وسط العواصف

في نفس الوقت، كشف النادي عن خطة طموحة لبناء ملعب جديد "أيقوني" بتكلفة تصل إلى 2 مليار جنيه إسترليني، بالقرب من ملعب "أولد ترافورد"، على أن يستوعب 100 ألف متفرج، ليكون أحد أكبر الملاعب في العالم.

 

لكن هذه الخطة الطموحة تُقابل الآن بتساؤلات جادة حول القدرة التمويلية، خاصة في ظل الضغوط التي تواجهها شركة "إينيوس"، وتراجع ثروة مالكها، وبدء تنفيذ سياسة تقليص التكاليف.

 

انسحابات من الرعايات... وأسباب مقلقة

في دلالة أخرى على التغير في توجهات الشركة، انسحبت "إينيوس" مؤخرًا من عدة اتفاقيات رعاية بارزة، من بينها رعاية اتحاد الرجبي النيوزيلندي في فبراير، كما أنهت تعاونها مع البطل الأولمبي بن أينسلي بعد دعم استمر منذ 2018.

 

وأوضحت الشركة أن هذه الانسحابات تأتي في إطار إجراءات خفض النفقات، بسبب ما وصفته بـ"الضرائب المرتفعة على الطاقة والضغوط الكربونية في أوروبا"، إلى جانب التحديات المتزايدة التي تواجه صناعة الكيماويات الأوروبية.

 

وقال راتكليف في تصريحه لـ"بي بي سي":"أوروبا أصبحت مكانًا صعبًا للغاية للصناعات. أسعار الطاقة لدينا تفوق خمس مرات الأسعار في أمريكا، وهذا يجعل المنافسة شبه مستحيلة".

 

هل تتأثر مانشستر يونايتد بهذه الأزمة؟

رغم كل ما سبق، حاول راتكليف التخفيف من المخاوف، مؤكدًا أن الوضع المالي لشركة "إينيوس" لن يؤثر على مانشستر يونايتد، موضحًا أن النادي يتمتع بإدارة مستقلة، ومصادر دخل متنوعة من رعاية وبث وتذاكر.

 

لكن خبراء اقتصاد الرياضة يرون أن أي تراجع في دعم المستثمر الرئيسي سيؤثر حتمًا على قدرة النادي على الصفقات والرواتب والإنفاق الرأسمالي، خاصة إذا استمرت "إينيوس" في تقليص التكاليف عبر قطاعاتها المختلفة.

 

مستقبل كروي محفوف بالمجهول

يواجه مانشستر يونايتد أيضًا تحديات على أرض الملعب، إذ يحتل المركز الـ16 في الدوري الإنجليزي الممتاز، قبل جولتين فقط من نهاية الموسم، ويعتمد على الفوز في نهائي الدوري الأوروبي أمام توتنهام لضمان مقعد في دوري أبطال أوروبا الموسم المقبل.

 

الفشل في التأهل الأوروبي قد يكون ضربة مزدوجة للنادي من الناحية الرياضية والمالية، ما قد يزيد الضغط على راتكليف وفريقه الإداري خلال فترة الانتقالات الصيفية.