شهدت محافظة الغربية، وتحديدًا مركز بسيون، واحدة من أكثر القضايا المؤلمة التي هزّت الرأي العام خلال الأيام الماضية، بعدما تمكنت الأجهزة الأمنية من انتشال جثة الشاب محمد فضل، المعروف إعلاميًا بـ"ضحية التنقيب عن الآثار"، من داخل منزل بقرية سلامون، عقب جهود شاقة استمرت لثلاثة أيام متواصلة.
تفاصيل الواقعة: سقوط شاب في حفرة أثرية مدفونة تحت الخرسانة
بدأت خيوط المأساة حين اختفى الشاب محمد فضل، وهو في العشرينات من عمره، وسط ظروف غامضة دفعت أسرته لإبلاغ مركز شرطة بسيون. بتحريات مكثفة وتحليل لكاميرات المراقبة، كشفت الأجهزة الأمنية أن الشاب توجّه برفقة صديق يُدعى "م.ر" إلى قرية سلامون، لمشاركة عدد من الأشخاص في أعمال تنقيب غير شرعي عن الآثار.
وخلال عمليات الحفر داخل إحدى الغرف بمنزل مهجور، سقط محمد في حفرة عميقة قدر عمقها بنحو 13 مترًا وبدلًا من إنقاذه أو إخطار السلطات، أقدم المشاركون على ردم الحفرة وصب طبقة خرسانية فوقها لإخفاء معالم الجريمة واستمر اختفاء الجثمان لأكثر من عشرة أيام، قبل أن تتمكن فرق البحث بالتعاون مع مجلس مدينة بسيون من الوصول إليه.
جهود أمنية وهندسية ضخمة لانتشال الجثة
بمجرد التأكد من موقع الجثة، بدأت الأجهزة الأمنية، بالتنسيق مع الجهات الهندسية المختصة، في تنفيذ عملية الحفر وفقًا لقرارات النيابة العامة. وتم فرض كردون أمني حول المنزل حرصًا على سلامة الفريق العامل، مع الاستعانة بمقاول متخصص في أعمال الحفر الدقيقة وبعد ثلاثة أيام من الجهد المتواصل، تم استخراج الجثمان ونقله بسيارة إسعاف إلى المشرحة، حيث تقرر ندب الطب الشرعي لتشريحه ومعرفة الأسباب الدقيقة للوفاة.
تطورات مأساوية داخل أسرة الضحية
المأساة لم تتوقف عند وفاة محمد، بل تصاعدت بعد أن أقدم شقيقه على الانتحار شنقًا حزنًا على فقدانه، في مشهد مأساوي زاد من ألم الأسرة كما دخل الشقيق الثالث في حالة حرجة إثر محاولته الانتحار بقطع شرايين يده، وتم نقله للمستشفى لتلقي العلاج.
هذه التطورات المؤسفة سلطت الضوء على التأثير النفسي المدمر الذي خلفته الجريمة في نفوس ذوي الضحية.
ضبط الجناة وبدء التحقيقات
بناءً على المعلومات التي توصلت إليها مباحث مركز بسيون، تم القبض على أربعة متهمين رئيسيين في الواقعة، هم: "م.ر" صديق الضحية، و"ح.س" شيخ من قرية صالحجر، إلى جانب الشقيقين "ع.ش" (45 عامًا) و"أ.ش" (30 عامًا) من قرية سلامون وبحسب التحقيقات، فإن المتهمين كانوا جميعًا ضمن المجموعة التي شاركت في الحفر غير المشروع.
وقد أمرت النيابة العامة بحبس المتهمين أربعة أيام على ذمة التحقيقات، كما قررت التحفظ على المنزل محل الواقعة وتعيين حراسة أمنية عليه، لحين انتهاء كافة الإجراءات القانونية والفنية المتعلقة بالتحقيق.
لجان هندسية لمعاينة العقار
وفي إطار التحقيق، تم انتداب لجان متخصصة من مجلس مدينة بسيون ومديرية الإسكان لمعاينة المنزل وفحص تأثير عمليات الحفر على المباني المجاورة، مع التأكد من سلامة البنية التحتية وتقدير مدى الخطورة التي قد تنتج عن التنقيب غير المشروع.
مطالبات بالردع وتشديد العقوبات
أثارت هذه القضية حالة من الغضب والاستياء في الشارع المصري، حيث دعا الكثيرون إلى ضرورة تشديد العقوبات على من يشاركون في أعمال التنقيب غير المشروع عن الآثار، نظرًا لما تمثله من تهديد لحياة الأفراد وخطر على التراث القومي كما طالب الأهالي بفرض رقابة صارمة على المناطق التي يُشتبه في وجود نشاطات غير قانونية بها.
جنازة حزينة تودع الضحية
شيّع المئات من أهالي قرية سلامون والقرى المجاورة جثمان الشاب محمد فضل في جنازة مهيبة، سادها الحزن والذهول، خاصة بعد أن تحولت أحلام الشاب إلى مأساة بسبب الطمع والرغبة في الثراء السريع فيما تواصل أجهزة الأمن جهودها لكشف كافة ملابسات القضية وتقديم المتهمين للعدالة