في خطوة تقنية غير مسبوقة، أعلن فريق من العلماء الصينيين عن تطوير نظام LICOMK++، وهو نموذج محيطات عالي الدقة يعد الأكثر تقدمًا في العالم حتى الآن.
وتمكنت الأكاديمية الصينية للعلوم من تحقيق هذا الإنجاز العلمي الكبير، إذ بلغت دقة النظام 0.6 ميل (أي نحو كيلومتر واحد فقط)، مما يمثل معيارًا عالميًا جديدًا في مجال النماذج العددية للمحيطات.
تطور نوعي في محاكاة المحيطات
يعد نموذج LICOMK++ تطورًا جديدًا من سلسلة أنظمة LICOM (نموذج محيطات معهد فيزياء الغلاف الجوي)، ولكنه يتفوق على جميع النماذج السابقة من حيث الدقة والسرعة والقدرة الحسابية.
وتكمن أهميته في كونه يوفر بيانات دقيقة للغاية عن حركة التيارات البحرية، وتوزيع درجات الحرارة، ومستوى الملوحة، وتغيرات الأعماق، وغيرها من الظواهر البحرية بالغة التعقيد.
هذا المستوى العالي من الدقة يمكن العلماء وصناع القرار من تحسين التنبؤات الخاصة بالأعاصير المدارية، وموجات المد البحري، وموجات الحرارة البحرية، ما يسهم في إنقاذ الأرواح وتفادي خسائر اقتصادية هائلة.
أداة رئيسية في التكيف مع تغير المناخ
مع تصاعد آثار التغير المناخي العالمي، تتجه أنظار العلماء إلى أدوات دقيقة تساعد على فهم التغيرات المتسارعة في المحيطات، والتي تؤثر بشكل مباشر على المناخ العالمي.
وهنا يأتي دور LICOMK++، حيث يعتبره الخبراء أداة استراتيجية في تعزيز قدرة المجتمعات على التكيف مع المناخ المتغير، والتخطيط السليم للبنية التحتية الساحلية، والتصدي لارتفاع مستوى سطح البحر.
يذكر أن تطوير LICOMK++ جاء في وقت تُعاني فيه الصين من قيود على تصدير أشباه الموصلات المتقدمة، وهي عنصر أساسي في عمليات الحوسبة الفائقة.
ومع ذلك، تمكن العلماء من تكييف النظام وتشغيله بكفاءة عالية على الحواسيب الصينية العملاقة، ما يعد إنجازًا مزدوجًا في ظل تلك التحديات التقنية.
ولم يمر هذا الابتكار مرور الكرام، فقد حصد نظام LICOMK++ جائزة أفضل تطبيق للحوسبة الفائقة لعام 2024، ضمن فعاليات مؤتمر HPC China 2024، مما يعكس مدى الإشادة الدولية بقيمته التقنية والعلمية.
مستقبل مبشر للنماذج المناخية
يرى خبراء الأرصاد والمناخ أن هذا النموذج سيمثل نقلة نوعية في تطوير توقعات الطقس والمناخ، ليس فقط في الصين، بل على مستوى العالم، إذ من الممكن أن تبنى عليه شراكات دولية مستقبلية لتبادل البيانات أو الاستفادة منه في دراسات المناخ العالمية.
وفي ظل التطور المتسارع في مجال الذكاء الاصطناعي والحوسبة الفائقة، يتوقع أن تدمج تقنيات جديدة مع LICOMK++ لرفع كفاءته مستقبلًا، مما يفتح المجال أمام ثورة في فهم المحيطات وتغير المناخ.
يثبت نظام LICOMK++ أن الابتكار لا يعرف حدودًا، وأن العلم قادر على كسر الحواجز الجيوسياسية والتقنية من أجل خدمة الإنسانية، وتعزيز صمودها في مواجهة التحديات البيئية الكبرى.