أعلنت وزارة الثقافة العراقية عن انطلاق إقامة أول مهرجان سينمائي دولي في محافظة البصرة بعد غياب طويل تجاوز عشرين عاماً بمشاركة مخرجين عرب وأجانب وعرض أكثر من خمسين فيلماً قصيراً وروائياً ووثائقياً في دور عرض مؤقتة أنشئت على شاطئ شط العرب وسط تنسيق بين بلدية البصرة ودول عربية مجاورة للترويج للمدينة كمحطة ثقافية فاعلة في خارطة السياحة العالمية وقد شمل حفل الافتتاح عروض رقص تراثي بصري وموسيقى تقليدية استخدمت آلات نفخ محلية أبدع خبراء في صناعة الأفلام بخلفيات تصويرية جسدت أهمية النهر في حياة البصرة وتاريخها البحري إضافة إلى ندوات حوارية شارك فيها نقاد سينمائيون وصحفيون ناقشوا خلالها التحديات التي تواجه صناعة السينما في العراق وإمكانية دعم المواهب الشابة عبر منح إنتاجية وتمويل من وزارات الثقافة والإعلام
أعمال محلية وعربية تناقش قضايا الهوية والتغيير الاجتماعي
تضمنت مسابقة الأفلام القصيرة مجموعة من الأعمال التي أعدها مخرجون شباب من العراق وسوريا ومصر والجزائر والمغرب تحدثت عن موضوعات الهوية المحلية والتحولات الاجتماعية التي شهدتها المجتمعات العربية في العقد الأخير وتناول بعضها قصص هجرة العائلات الريفية إلى المدن الكبرى بحثاً عن فرص عمل بينما ركزت أفلام أخرى على دور المرأة في إعادة إعمار المناطق التي تأثرت بالصراعات وبرزت مشاركة نسائية قوية في الإخراج والكتابة والإنتاج إذ شكلت نسبة الأعمال النسائية أكثر من ثلاثين بالمئة من إجمالي المشاركات مما يعكس تحركاً ملحوظاً نحو تمكين المرأة في صناعة المحتوى السينمائي
ورش عمل تدريبية للشباب وتعزيز الشراكة مع الجامعات
ضمن فعاليات المهرجان أطلقت إدارة الحدث ورش عمل مجانية للشباب قدمها مخرجون من لبنان وفرنسا وتونس تناولت قواعد كتابة السيناريو وتقنيات التصوير الحديثة وإدارة مواقع التصوير واستخدام تقنيات الواقع المعزز في الإنتاج السينمائي كما تم توقيع مذكرات تفاهم بين المهرجان وجامعة البصرة وكلية الفنون الجميلة في بغداد لتوفير منح دراسية مقدمة للطلبة الراغبين في التخصص بالسينما والمسرح وتضمن البرنامج أيضاً جلسات حول التمويل الجماهيري للأفلام عبر منصات رقمية وكيفية تسويقها في مهرجانات دولية والتفاوض مع موزعين ومشتري حقوق العرض
انعكاسات اقتصادية واجتماعية تعزز مكانة البصرة كوجهة سياحية
من المتوقع أن يحقق المهرجان زخماً سياحياً يوفر فرص عمل إضافية لأهالي البصرة في قطاعات الضيافة والنقل والطعام لدرجة أن عدد غرف الفنادق المؤقتة والخيام المنظمة لاستقبال الضيوف تجاوز المئتين وإن سجلت حركة الحجوزات ارتفاعاً ملحوظاً منذ أشهر قبل انطلاق الحدث كما بدأت وكالات السفر بترويج باقات سياحية ثقافية تجمع بين زيارة مواقع التاريخ العثماني في المدينة وجولات في حقول النفط القريبة بهدف تعريف الزوار بثراء القطاعين السياحي والصناعي وهو ما يعزز جهود الحكومة المحلية لعرض البصرة بصورة جديدة بعيداً عن الصور النمطية المرتبطة بالمنظومات النفطية وحركة العبارات الملوثة للمجاري البحرية
دعوات لتعميم التجربة واستدامة الدعم الحكومي والخاص
بعد النجاح الواضح في تنظيم انطلاق المهرجان الأول وجهت مؤسسات ثقافية عربية دعوات إلى وزارة الثقافة العراقية لتعميم التجربة على مدن أخرى مثل النجف وكربلاء والموصل مع الحرص على استمرارية الدعم الحكومي والخاص وتأسيس صندوق مستقل يساهم فيه القطاع الخاص وشركات النفط لتغطية رسوم المشاركة وتكاليف البنية التحتية للمهرجانات القادمة كما أبدت السفارات العربية والأوروبية استعدادها لتمويل منح وإقامة عروض احتفالية في دور العرض الجديدة تطلقها المحافظة في السنوات المقبلة مما يبشر بنقلة نوعية للسينما العراقية ويسهم في بناء صورة إيجابية عن بلد بدأ يستعيد روحه الثقافية في مرحلة ما بعد التحديات الكبيرة التي شهدها خلال العقود الماضية.